8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

تأليف الحكومة بعد اتضاح نتائج قمة شرم الشيخ؟

تتعدد القراءات السياسية والديبلوماسية حول مستوى الايجابية السورية في التعامل مع المطالب الدولية والعربية في شأن الموضوع اللبناني، لا سيما مرحلة تشكيل الحكومة الجديدة وأدائها وتسيير شؤون البلاد لاحقاً، وبالتالي، ما إذا حصل فعلاً تغيير ملموس لدى دمشق في مقاربة هذا الموضوع.
ولعل أبرزها اثنتان، القراءة الأولى، تقول بأن التغيير الحقيقي، لا يزال يتطلب ان تقترن الأقوال بالأفعال على أرض الواقع، وان التقارب الفرنسي الأوروبي مع دمشق، والتقارب العربي معها يندرج في إطار تشجيعها وتحفيزها على التغيير، لكي لا تحصل عرقلة لمهمة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، مثلما هو حاصل الآن من تمسك المعارضة بالثلث المعطل، وان حلفاء سوريا في لبنان لم يخففوا سقف شروطهم لتشكيل الحكومة، ولم يقولوا ان الأكثرية التي ربحت الانتخابات النيابية يحق لها بالقرار الأساسي والمؤثر في عملية التشكيل. وبالتالي، لم يترجم حلفاؤها عدم تدخلها في تشكيل الحكومة بما يؤمن هذا المسار. كما ان هذه القراءة تقول إن الدور السوري الذي لم يكن سلبياً في الانتخابات النيابية، كان في الواقع بسبب اعتقادها بأن حلفاءها سيفوزون فيها. ولا يتصل الأمر حصراً بمراعاة فعلية للمطالب الدولية والعربية.
ومن هنا يجب التنبه الى عدم الممانعة السورية بطرح تكليف الحريري منذ أن بدأت مشاورات عربية ـ عربية اثر فوز الأكثرية في الانتخابات، وضرورة توفير ضمانات جدية لعدم العرقلة في سياق التعاون الدولي ـ العربي ـ الإقليمي حول الموضوع اللبناني.
وفي سياق هذه القراءة، ترى أوساط ديبلوماسية، ان الدور الأميركي مع دمشق واضح جداً، وهي أدركت ان واشنطن لن تقوم بدور الوسيط معها، انما ستقوم بخطوات ايجابية في العلاقات الثنائية معها وستعطي بالقدر الذي تقدمه سوريا في الإلتزام بتحقيق المطالب الدولية والعربية منها، وليس أكثر، ولن تلجأ مثل الأوروبيين الى تقديم حوافز وخطوات شكلية تشجيعية حتى الى دمشق.
وذكرت الأوساط ان تقرير الموفد الرئاسي الأميركي الى الشرق الأوسط جورج ميتشل نتيجة زيارته دمشق سجل ارتياحاً سورياً للزيارة كونها خصوصاً على مستوى ميتشل، وان دمشق إعتبرت الزيارة ناجحة، وانها تقول: بأنها تتعاون مع المطالب الأميركية، ولم تتدخل في الانتخابات اللبنانية، كما تم الطلب اليها، وهي قامت بذلك. ولفت التقرير الى انه إذا ما أرادت سوريا مزيداً من الخطوات الأميركية عليها تعميق التعاون واستكماله، في لبنان بعدم التدخل وحول العراق أيضاً، وفي عملية السلام.
أما القراءة الثانية لمستوى الايجابية السورية، فتقول ان هناك جهداً سورياً فعلياً لتحسين صورة دمشق في العالم، وتنفيذ الوعود التي يتحدثون عنها، ما يؤثر في التغيير الذي تشهده سياساتهم، ولو كان ذلك يتم بصعوبة، ويحتاج الوقت الكافي لاستيعاب وجوب التغيير، وأهميته في إزالة العزلة العربية والدولية، ولو كان ذلك يتم، في ظروف دقيقة مع لبنان ومع رئيس الوزراء المكلف، كون المآسي والخلافات والتشنجات المتراكمة تحتاج الى الكثير لتجاوزها، من أجل العلاقة المؤسساتية بين البلدين الجارين.
وفي إطار هذه القراءة، فإن الإلتزامات السورية غير الضخمة، شجعت العرب والأوروبيين على استكمال مساعيهم، على إعتبار ان هذا الجو مختلف عن السابق، وإذا لم يكن كذلك لا وجوب لاستمرار المسار الانفتاحي والحوار معها. وما يهم دمشق هو الحصول على مكاسب دولية على صعيد إنهاء العزلة، واستعادة العلاقات الطبيعية معها ولو لم تكن هناك ضمانات لم يتم طرح النائب سعد الحريري رئيساً للوزراء، كإنعكاس للأجواء الدولية والعربية والإقليمية الحالية، بالتزامن مع التهيئة بالاتصالات والمشاورات المتسارعة للتفاهم على أسس التركيبة الحكومية والبيان الوزاري وأداء الحكومة على ان تُترك التوزيعات في الحكومة للبنانيين، إلا ان الأوساط، تستبعد إنجاز تأليف الحكومة قبل ما سيتضح من قمة شرم الشيخ لدول عدم الإنحياز منتصف الشهر الجاري، وحيث يتم العمل على ان تشهد مصالحات كبيرة بوجود الرئيس السوري بشار الأسد فيها، خصوصاً على المستوى المصري ـ السوري، ليواكب المصالحة السعودية ـ السورية. فتأتي القمة وما سينجز على هامشها من قمم ولقاءات، تتويجاً للقاءات، ولانضاج الحلول في المشاورات السعودية ـ السورية التي ستصل الى عقد قمة، قبل قمة شرم الشيخ، ما يعني ان قمة عدم الإنحياز وحضور الأسد والمصالحات، ستكون مؤشراً جدياً للتغيير السوري وللتعاون المنشود.
ولا مانع بعد ذلك، من ان يتم إخراج إبطال وجود الثلث المعطل في الحكومة، بصورة ما.
لان العمل يتم على ان يكون الثقل الوازن لرئيس الجمهورية وبالتالي ستتضح الصورة بعد أسبوعين لأن المراحل لن تتم بالتسرع.
ويؤيد هذه القراءة وجود تعاون سوري ايجابي في الانتخابات النيابية، حيث لم تحصل أي اختراقات أمنية أو مشاكل سياسية، خلافاً لظروف الابتهاج بالمناصب التي أدت الى قتلى وجرحى. ومجرد ما سارت الأمور في الانتخابات بالشكل الذي تم، فإن مسألة الحكومة ستسير حكماً في هذا المسار.
وتلفت هذه القراءة، الى ان لدى واشنطن مصلحة في حصول المصالحات العربية، خصوصاً ان قواتها تنسحب من العراق، وانها تهيئ لتحقيق نظرتها الجديدة الى المنطقة وحل مشاكلها، ما يساعد الرئيس باراك أوباما في تطبيق رؤيته.
وتفيد الأوساط، ان المصالحة اللبنانية ـ السورية، مطلوبة في إطار المؤسسات وتعاونها الحتمي.
وإلا، فإن أمامها مصيراً غامضاً. كذلك فان التوازن في العلاقات العربية يعيد التوازن الى العلاقات اللبنانية السورية، في وقت قد تسهم التطورات الإيرانية في تعزيز مناخات عودة دمشق الى الحظيرة العربية.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00