تتجه الأنظار في المرحلة الراهنة الى الدور الفرنسي الذي عاد الى الواجهة، مواكباً لتسهيل تأليف الحكومة الجديدة، وتسهيل مهمة رئيسها سعد الحريري، ومواكباً للتطورات على خط العلاقات اللبنانية ـ السورية ومستجداتها، وسط تنسيق فرنسي ـ سعودي لايجاد مناخات مؤاتية لهذه التسهيلات.
وتفيد مصادر ديبلوماسية قريبة من العاصمة الفرنسية، ان هذه التسهيلات في حيّز كبير منها تتصل بالجهد المركز لعقد لقاء بين الرئيس الحريري والرئيس السوري بشار الأسد، الأمر الذي يحتل الصدارة حالياً في المشاورات الداخلية بين قوى الرابع عشر من آذار، في ضوء التحرك السعودي الأخير في اتجاهها، وما ستحمله زيارة وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير للبنان الخميس المقبل.
وينطلق الدور الفرنسي في هذا الاطار، على أساس ان الحريري الذي رفض في البدء مرتين، ان يُبحث معه، موضوع تكليفه رئاسة الحكومة، يجب ان يتم التعاطي معه كرئيس لحكومة كل لبنان، وليس لفئة معينة، وموقعه هذا، والمهمة الملقاة على عاتقه، هما أشمل ويطالان دور لبنان المرتقب في المنطقة، واستقرارها.
ولن يقتصر التحرك الفرنسي في اتجاه لبنان من خلال زيارة كوشنير، على استطلاع الوضع الحكومي والتحضيرات والاتصالات لتأليف الحكومة فحسب، انما ستبدي باريس ايضاً رغبة في عرض أي مساعدة في الموضوع اذا لزم الأمر، وهي ترى انه حتى الآن، ليس من مهمتها التدخل في التأليف لأنه شأن داخلي، وانه يجب ان تتضافر امكانات اللبنانيين لحل مشاكلهم، ولاسيما ان اعادة الدور الى مؤسساتهم في الدولة يتم ومن الطبيعي حصول نقاش وأخذ ورد حول تأليف الحكومة، وهذا ما لا يخرج عن المألوف، الى الحد الذي يتطلب معه مبادرة لانقاذه، لأن التوازنات في الحكومة ستعكس الصيغة اللبنانية الداخلية. وبالتالي، لا لزوم للتدخل في لبنان، وفي تأليف الحكومة، الأمر الذي تريد باريس ان ينطبق على التوجه السوري حيال لبنان، وهو المطلب الذي جرى نقله من الرئاسة الفرنسية الى الرئاسة السورية عبر زيارة الموفدين الرئاسيين الفرنسيين الى دمشق أخيراً.
على أن باريس، التي وجدت ان المصالحة السعودية ـ السورية ستنعكس ايجاباً على الوضع اللبناني وعلى تأليف الحكومة، كانت على علم، بمضمون المسعى السعودي في شأن اللقاء والمصالحة، وتسارع الأمور والنتائج التي أفضت اليها زيارة الموفدين السعوديين الرفيعي المستوى الى دمشق الأحد الماضي، ورغبت باريس في أن يكون لها دور، غداة الدور السعودي، الذي أعقبته بارسال موفدين الى دمشق فوراً، في مسعى للمصالحة بين الطرفين، والتأكيد على هذا المسار وأهمية متابعته.
وقد عاودت فرنسا تكثيف الاتصالات والعلاقات مع دمشق، التي كانت انطلقت من الباب اللبناني حيث سمح باستعادتها ضمن الشروط والمعايير المعروفة. كما ساهم الملف الفلسطيني ايضاً في استعادتها. وتستمر المشاورات الفرنسية ـ السورية، وحيث لن يذهب كوشنير الى دمشق من دون المرور في لبنان أولاً، نظراً الى العلاقات التاريخية بين لبنان وفرنسا. ويأتي تحديد دمشق مكاناً للاجتماع السنوي لسفراء فرنسا في المنطقة في سياق تطور العلاقات الفرنسية ـ السورية والاعتراف الفرنسي بـالدور الايجابي الذي لعبته سوريا في الانتخابات النيابية اللبنانية. كما تقع هذه الخطوة، في سياق التشجيع الفرنسي لدمشق، على الاستمرار في الدور الايجابي الذي ترغب في أن تنحو سياستها حيال لبنان، وعدم التدخل في شؤونه، وكذلك لدورها في فلسطين، والتأثير على حماس، ثم لدورها في التفاوض السلمي في المنطقة، انه تشجيع لخط سياسي جديد. الا ان باريس تؤيد ان على اللبنانيين ان يكملوا في المسار الذي انطلقوا به، من دون أي تدخل من الخارج، وان يقوموا بعملية الحكم كما يجب، بصورة هادئة، واتباع طريق الاصلاح في ادارة الاقتصاد مع حكومة وحدة وطنية، يعود الى اللبنانيين فيها حالياً اتخاذ القرار حول الثلث في عدد اعضائها.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.