وجد وزراء الخارجية العرب الذين اجتمعوا بصورة استثنائية الأربعاء الماضي، انه لا مفر من تقديم مزيد من الفرص والمحاولات من أجل السلام في المنطقة، على الرغم من خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وكان لافتاً في نقاشاتهم المغلقة، انه لا يجب فقط النظر الى نصف الكأس الفارغ، بل أيضاً يوجد النصف الملآن، الذي يجسده مضمون خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما، فقرر الوزراء ان تجتمع اللجنة العربية الخاصة بمبادرة السلام، التي يتمسك بها العرب، مع الرباعية الدولية في ايطاليا.
واستناداً الى مصادر ديبلوماسية في القاهرة، فإن التفاهم العربي جرى على ان لا حل آخر، إلا بإعطاء الفرصة، وهي أساساً فرصة دولية للضغط على إسرائيل من أجل السلام. وسبب الايجابية العربية هذه في التعامل مع المرحلة، تكمن في جملة معطيات هي:
ليس هناك من مانع في ان تعطى الفرصة ويفتح الباب مجدداً أمام مساعي السلام بغض النظر عن نسبة التفاؤل والتشاؤم، ويقترب لبنان في موقفه أيضاً الى الاعتدال العربي عبر التمسك بالمبادرة العربية ووضع هذا السقف رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، ونقله وزير الخارجية والمغتربين فوزي صلوخ الى الاجتماع العربي، يضاف اليه رفض لبنان للتوطين، وحق العودة الذي عاد وأضيف الى البيان الختامي للاجتماع.
ان هناك رهاناً عربياً كبيراً على حماسة أوباما حيال إنجاز تقدم جوهري في ملف السلام.
وحيال عدم تسليمه بالضغوط التي يتبعها نتنياهو، لا بل قد يقوم باختراق ما في مواقف نتنياهو واليمين الإسرائيلي ويعدّله. كما ان هناك رهاناً على الخطة التي سيعلنها أوباما، وهذه الخطة لا يتوقع لها ان تحمل جديداً، بل ستجمع كل المبادرات والخطط الموجودة أصلاً وفي مقدمها المبادرة العربية وخارطة الطريق، وستقوم بجمع مواقف عربية وإسرائيلية في إطار يرضي الطرفين وفق آلية لحل المسائل العالقة.
لقد أجريت اتصالات ديبلوماسية دولية عربية قبل لقاء لجنة المبادرة مع الرباعية، فهم من خلالها العرب ان الرباعية ستتخذ موقفاً ضد بناء المستوطنات وضد نموها، وهو الموقف الذي اتخذته بالفعل أمس، كما انها في الوقت نفسه لن تتعامل بسلبية مع ما قاله نتنياهو. بل سترى الايجابيات في الموقفين العربي والإسرائيلي، بما في ذلك الخطوة العربية بالاستمرار في إفساح المجال أمام مساعي السلام، على الرغم من كل أجواء القلق التي تحيط بها. وهي تعتبرها أساسية في إجراءات بناء الثقة بين الطرفين، والتي تدعو الرباعية اليها، كما تدعو الى تحرك للعرب لتسهيل مناخ مؤاتٍ للتفاوض، وتدعو الى بدء سريع للمفاوضات.
وذكرت المصادر، ان القاهرة التي تؤيد الحفاظ على المبادئ العربية والتشبث بها بالتزامن مع إبداء ليونة، تحرص على التواصل مع الرباعية وعلى استمرار التشاور معها. ويدرك العرب جميعاً ان الرباعية لن تأخذ موقفاً سلبياً من خطاب نتنياهو. والرباعية بدورها ترى ان هذا الخطاب تحدث عن مبدأ الدولتين الإسرائيلية والفلسطينية، وانه لم يضع شروطاً على التفاوض، بل وضع شروطاً على الحل النهائي، وهما نقطتان ايجابيتان. لذلك تؤيد الرباعية والجانب الأميركي فيها كما الأمم المتحدة، ان يتم السعي لاستئناف التفاوض، ما يمكن ان يشكل مع الوقت عاملاً مساعداً لتقريب وجهات النظر حول السلام. مع ان نتنياهو لم يلتزم بـخارطة الطريق، وكأن خطابه كان بمثابة جواب على خطاب أوباما. لكن ما دامت واشنطن وأوروبا لم تجدا خطاب نتنياهو سلبياً، في حين لم تعلق الأمم المتحدة, وموسكو اعتبرته غير كافٍ، فإنه ليس من عائق أمام الرباعية في ان تستمر في جهودها وعدم التعامل بسلبية مع خطاب نتنياهو ما دام فرقاؤها الأربعة لم يكونوا سلبيين معه رغم تفاوت ردود فعلهم عليه. والجميع يسعى لعدم قطع العلاقة مع إسرائيل، خصوصاً واشنطن، لان ما من زعيم إسرائيلي يتحمل تخريب العلاقات مع الولايات المتحدة، كون هناك التأثير المتبادل، وحيث القطيعة لا تفيد أياً منهما.
لكن المصادر، لاحظت ان دمشق لم تتمثل في اجتماع الجامعة سوى على مستوى سفيرها لدى الجامعة. كما ان وزير خارجيتها وليد المعلم لم يشارك في الاجتماعين الأخيرين للجنة المبادرة العربية. ما يشير الى انها لا ترغب في التعبير عن موقف محدد على مستوى عالٍ، وهي في انتظار الخطة الأميركية للسلام وجدية إسرائيل، قد تكون راغبة في ترقب مسارها غير المباشر مع إسرائيل مع الإشارة، الى ان رد وزير الخارجية الإسرائيلي افيغدور ليبرمان على تأييد دمشق لعودة الاتصالات غير المباشرة معها، انه لا يريد ان يتدخل طرف ثالث في الموضوع.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.