تؤيد اوساط ديبلوماسية واسعة الاطلاع على السياسة الاميركية في المنطقة، فكرة انه من الخطأ انتقاد الرئيس الاميركي باراك اوباما حول طبيعة تعامله مع ما يحصل في ايران، حيث يحافظ على معدل مدروس من ردة الفعل، التي يجب ان تتم في هذه المرحلة بالشكل الذي تتم فيه.
ويفوق الاهتمام الاميركي والدولي بتطور الموقف في ايران، اولوية الاهتمام بعملية السلام في الشرق الاوسط الى حد ما، ليس لنية التراجع، انما لما تشكله ايران من تأثير في المنطقة، وترتبط بها العديد من التحالفات والازمات الاقليمية والقضايا العالقة، خصوصا منها في لبنان وفلسطين والعراق وافغانستان، فضلا عن ملفها النووي والتهديد الاستراتيجي الذي يمثله لبعض دول المنطقة والعالم. هذا الموضوع اساسي بالنسبة الى العديد من المسائل التي ترتبط ارتباطا مباشرا بالحل في المنطقة.
وتؤكد الاوساط، ان الموقف الاميركي، والاوروبي ايضا، تحكمهما عناصر عدة ابرزها:
اولا: الحذر الشديد في التعامل مع الوضع الايراني. ذلك انه يوجد تنبه من ان اي ردة فعل قد تزيد التشدد في ايران، وليس لأي ردة فعل ان تقدم ذريعة للنظام الايراني من ان يزداد انتقادا له وتطرفا، لاسيما اذا ما استطاع لاحقا ان يحسم الوضع لمصلحته واي موقف اميركي مؤيد لفريق ضد آخر سيزيد التطرف تطرفا، ولن يضعف النظام خصوصا اذا ما استمر بعد الاضرابات، على اعتبار ان اي ضعف في اتجاه الدول سينعكس ضعفا في الداخل، ومن الافضل عدم التسرع، لأن المعارضين اساسا هم ليسوا من خارج الثورة بل من داخلها، وان التفاوض المحتمل او الحوار مع ايران سيتم لاحقا ومن دون تراجع مع الطرف الذي سيكون في السلطة، وإن كانت الاضرابات الحالية ستؤخر بدء الحوار الاميركي ـ الايراني الى حين اتضاح الصورة، وحيث هناك الأخذ بالحسبان خط العودة، والاضطرار الى الحوار مع طهران حول كل المسائل العالقة معها.
ثانيا: ان اي ردة فعل دولية يجب التنبه لها كي لا تلفت نظر الاصلاحيين بصورة سلبية الى الموقف الدولي، فتنعكس سلبا عليه، لذلك يجب الانتظار لمعرفة اتجاه الامور. ولاحظت الاوساط، ان كل الدول ركزت في تعليقاتها على الوضع الايراني في الاطار الانساني وحقوق الانسان، وتحاشت التعليق خارج هذا الاطار، والغرب حذر لانه لا يريد ان يؤدي التدخل الى دعم التشدد والتطرف. وقد اخذ بالاعتبار كيف ان التصريحات الايرانية قبيل الانتخابات النيابية اللبنانية ادت الى مفعول عكسي، اذ زادت من التأييد لقوى السيادة والاستقلال ونبّهت اللبنانيين الى ما قد ينتظرهم، نتيجة فوز 8 آذار، فلا يريد الغرب دعم الاصلاحيين لكي لا يزداد التطرف.
الا انه من المؤكد، ان واشنطن لن تستغني عن الحوار مع ايران، وبات ضمن استراتيجيتها في فتح صفحة جديدة في الملف النووي. فمنذ سنوات خلت، كانت العلاقات الاميركية سيئة مع الرئيس الروسي السابق ستالين، وسلك الرئيسان روزلفت وايزنهاور طريق الحوار معه لحل المسائل العالقة. وهذا ما سينطبق على الحوار مع ايران. وتبقى الادارة الاميركية في انتظار تكشّف حقيقة التطورات الايرانية في ما اذا كانت التحركات الاحتجاجية ستكمل، والمدى الذي ستصل اليه وما اذا كانت ستحقق تغييرا ما، او ستُقمع وستكمل القيادة الحالية مسيرتها وتسيطر على الوضع. ومما لا شك فيه، ان الحوار الدولي مع ايران سينتظر حسم الوضع الداخلي.
فاذا ما استطاع الرئيس احمدي نجاد حسم الموقف، فسيخرج من هذا الوضع اقوى بكثير مما هو عليه الآن. اما اذا تكشفت الإضرابات بالشكل الذي تضعف فيه السلطة، فإن ذلك سينعكس على حصول تغيير ما في ايران، كما سينعكس على تراجع الدعم والمساعدات لمواقع نفوذ ايران في المنطقة، واعادة تقييم سياستها الخارجية عربياً ودولياً.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.