8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

جهد أميركي للعمل على ملفات المنطقة بالتوازي

بعدما حصدت المراحل النهائية من الاستحقاقات الإقليمية التي كانت تنتظرها الإدارة الأميركية قبل إعلان خطتها لحل مشكلات المنطقة بالتفاصيل، تشدداً في خطاب كل من الرئيس الإيراني أحمدي نجاد، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كل من موقعه، وفي إطار مسار سياسته، تتكثف المشاورات الدولية والأوروبية في اتجاه ضرورة استمرار الحوار معهما من أجل ترتيب الحلول للمشكلات العالقة في المنطقة.
وتفيد مصادر ديبلوماسية غربية، ان الولايات المتحدة لن تتراجع عن خطتها الحوارية مع إيران، وهي تعتبر ان فوز الرئيس احمدي نجاد قضية داخلية ستتعامل مع تداعياتها على نحو مناسب، كما ترى ان خطابه المتشدد لا بد ان يكون في احدى خلفياته سبب لرفع السقف عشية الاقتراب المحتمل لموعد بدء التفاوض الأميركي ـ الإيراني. ويُشار اصلا الى ان ثمة تفاوضا، عبر قنوات متعددة ومتوازية، لعل أبرزها بين إيران والدول الست أي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا. وتاليا لن تتأثر خطة واشنطن. وما هو أساسي، النظر في ما إذا سيؤدي الحوار الى نتيجة لحل المشكلات، أم انه سيكون غيرَ مُجدٍ. وترى واشنطن ان القرار في إيران يعود في النهاية الى مرشد الثورة، علي خامنئي، لذلك بدأت بخطوات تمهيدية للحوار الفعلي قبل الانتخابات الإيرانية، على الرغم من انتظارها لنتيجة هذا الاستحقاق، وتبعاته فيما لو حصل فوز للمرشح الإصلاحي. وثمة ترقب للأداء الإيراني في الحوار، لانه في السابق طرحت الدول ما يكفي لحفظ ماء الوجه في آلية التفاهم، ولم تحظ برضا طهران. وتبعاً لذلك، تبدو النتيجة مهمة لان مواضيع الخلاف كثيرة معها، وخصوصاً حول الملف النووي، إذ إن إيران لا تريد التنازل، مع ان قدراتها لم تبلغ بعد بناء قوة ردع متكاملة.
وقدرة نجاد على ضبط الوضع الداخلي، هي محور متابعة دولية حثيثة، وستؤشر الى قوته أو ضعفه، مع ان هناك أسباباً داخلية كافية لحصول الأحداث، ولا سيما من حيث تزامن التدهور الاقتصادي مع العقوبات الدولية المفروضة، والسياسات التي اعتمدت.
وتؤكد المصادر، ان الوضع اللبناني سيرتبط الى حد كبير بالتقدم الذي سيحققه التفاوض الأميركي ـ الإيراني المتوقع، ومادام التفاوض بين الطرفين يظل وارداً ويجري العمل توصلاً اليه، فإن فترة التقارب الداخلي والتهدئة ستبقى قائمة وستطول. على حين ان تحرك الوضع الداخلي في مسار متوتر، سيخضع لظروف التفاوض ولا سيما حالات الفشل، أو الضغوط والضغوط المضادة.
ولا تبدي إيران فقط حسن نية عشية التفاوض المنتظر، انما أيضاً، سوريا وفي الدرجة الأولى، ولكن من دون تقديم خطوات جوهرية في هذه المرحلة. وقد بدا العامل الإسرائيلي واضحاً بالنسبة الى العلاقات الدولية ـ الإقليمية. ولذلك، تفسر المصادر، أسباب التشدد الإسرائيلي في خطاب نتنياهو. بحيث ان الأولوية الإسرائيلية هي إيران وليس الفلسطينيين، لان الملف النووي خطر إستراتيجي بالنسبة اليها، وهذا التوصيف لا يحظى به الملف الفلسطيني، حيث قدرة تل أبيب على قتل الفلسطينيين الى ما شاء الله، دون اعتماد حلول سلمية. إلا انه بالقدر الذي تسعى الإدارة الأميركية الى إقناع نتنياهو بأن التقدم في الحلول على المسار الفلسطيني، يساعد في الحلول في الصراع مع إيران بالقدر الذي تحرز الجهود لإطلاق العملية السلمية تقدماً فعلياً. وتبعاً لذلك، يفترض بالإدارة إظهار العلاقة بين الموضوعين، لان إسرائيل وفي ظل حكومة نتنياهو، وبعد خطابه لا يهمها ان تقدم شيئاً للفلسطينيين، ويستحيل جعلها تقبل الحل الشامل من دون ما يحفز على الحل مع إيران.
ومن هذا المنطلق، جاء التفاوض الإسرائيلي مع دمشق، إذ كان الهدف بالنسبة الى تل أبيب إزالة التحالف مع إيران، لأنها من دون هذا السبب، ليست مستعجلة لرد الجَوْلان الى أصحابه، بقدر ما كانت مستعجلة لإضعاف التحالف. مع الإشارة الى ان هذا الهدف لم يتحقق قبل ان تتوقف المفاوضات غير المباشرة. لكن دمشق تمكنت من خلالها من كسر العزلة الدولية التي أحاطتها، وتزامن ذلك، بالعمل لإبقاء الوضع اللبناني هادئاً كإشارة سورية الى الإدارة التي تنتظر من الدول الإقليمية بوادر ايجابية. ولا تتوقع الأوساط، ان تتخلى سوريا عن تحالفها مع إيران لمجرد التفاوض، إذ ان لكل طرف شروطه وأثمانه. مع انه تسود نظريتان متناقضتان هذا الموضوع. الأولى تقول بأنه إذا ما أُعطيت دمشق الثمن المناسب فإنها تتخلى عن تحالفها مع إيران. والثانية، تقول بصعوبة فك هذا التحالف، لكن دمشق تستفيد من التفاوض لكسر العزلة الدولية وليس لإزالة التحالف مع طهران وفي الأساس لم يتوصل التفاوض الى تقدم جوهري.
وإذا كان ما يبدو من الإدارة حيال النزاع في المنطقة هو السعي للسلام الشامل، فإن دول المنطقة ومن بينها دمشق تدعوها للانغماس في الحل الشامل، وكلما تأخر الحل تتسع القضايا التي باتت مربوطة ملفاتها بملف السلام الشامل لعملية السلام مربوطة بالمواقف حول الملف النووي الإيراني، واستكمال الانفتاح على سوريا وإيران من أجل تعميق الحوار الدولي معهما، مربوط بتنفيذ المطالب الدولية منهما في ملفات المنطقة. من هنا، تعمل واشنطن على كل الملفات من السلام الى النووي الى المطالب من إيران وسوريا في لبنان والعراق وفلسطين في الوقت نفسه وبالتوازي. ويصعب التقدم في السلام دون التقدم في الملفين الآخرين.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00