أعادت أجواء التصعيد الإقليمي، إن من جانب إسرائيل أو إيران، أو حتى كوريا الشمالية، الى الواجهة التساؤلات حول مصير التفاهم الدولي ـ الإقليمي على استمرار التهدئة والاستقرار اللبناني وفي المنطقة. وحول مصير التفاهم في ظل الاستعدادات القائمة لإنطلاقة الحوار الدولي ـ الإقليمي المنتظر، بعد ان تكون قد نضجت مرحلة الاتصالات الممهدة له، وتمرير سلسلة من الاستحقاقات الداخلية في دول المنطقة.
وعلى الرغم من تعدد القراءات الديبلوماسية لتداعيات ما يمكن ان يحصل، إلا أن مصادر ديبلوماسية معتمدة لدى عاصمة بارزة، تؤكد أن أجواء التصعيد هذه، قد لا تمثل بالضرورة تقدم منحى التشنج والتوتر على منحى استمرار انضباط الوضع والتهدئة القائمين. إلا أنها تقع على الغالب، في سياق شد الحبال وتجميع وتقوية الأوراق التي في حوزة كل طرف، لتحصين موقعه قبل الدخول في عملية التفاوض والحوار المباشرين بصورة معمقة. على ان الملف الكوري ليس بالضرورة ان يكون موصولاً بالموقف الإيراني، ولو ان واشنطن ترى أن ما طرأ على هذا الملف أخيراً هو تحدٍ صارخ لها.
وتؤكد المصادر أيضاً، ان الوضع اللبناني لا يزال خاضعاً لكافة عوامل التهدئة، لا سيما انه من بين أحد أهم المواقع في المنطقة، حيث سيجري المجتمع تقويماً في وقت قريب، حول مدى إمكان نجاح الحوار الدولي ـ الإقليمي، إنطلاقاً من المرحلة التي تسبق الانتخابات النيابية، وكذلك في ضوء النتائج التي ستحققها الانتخابات لاحقاً. ويتناغم الأداء الداخلي مع هذه العوامل، حيث عمد العديد من القيادات، على وأد الفتنة، والحفاظ على الاستقرار، على الرغم من كل التحديات، إنما أي خربطة، أو تغيير في مسار الأمور، لن يحصل بالنسبة الى لبنان، لا على المستوى الخارجي، ولا على المستوى الداخلي. مع انه ليس لأحد مصلحة في ان يعرقل، بسبب الاعتقاد بالفوز. لكن من سيربح لا بد انه سيحظى بتعزيز موقعه داخلياً، وكذلك بالنسبة الى حواراته الخارجية.
إلا ان التوتر القائم، بحسب المصادر، مرتبط بعدم بلورة التحضيرات للحوار الدولي ـ الإقليمي واتجاهاته، حتى الآن، ويضاف الى ذلك النتائج التي لم تكن على مستوى الآمال، للقاء الذي عقد بين الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأسبوع الماضي.
ويتصل عدم بلورة التحضيرات للحوار، بالتقويم الغربي الاولي لا سيما الأميركي، للموقف الإيراني حيث لم يجرِ بعد التفاهم على شروط الحوار وظروفه. مع انه لدى إيران خطابان يتمسك بهما المتنافسون على الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في 12 حزيران المقبل. الأول يقول بمقاومة الغرب، والثاني يقول بالانفتاح على الغرب.
لكن القيادة الحالية، أبلغت رسائل في أكثر من اتجاه حول رغبتها في الحوار، وليس بالتفاوض بناء على شروط موضوعة سلفاً.
أما بالنسبة الى دمشق، فإن المصادر، تجزم بأن الجولة الثانية من المحادثات التي أجراها مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط، ومسؤول ملف المنطقة في مجلس الأمن القومي دانيال شابيرو، لم تكن ناجحة أبداً. حتى أن المصادر تلفت، الى ان الطرفين الأميركي والسوري كانا متذمرين أحدهما من الآخر، خصوصاً حول عدم تقدم الحوار، إذ يظهر ان واشنطن تريد ان يكون التقدم في أن تنفذ دمشق ما يُطلب اليها. وان دمشق تريد ان ترى عرضاً محدداً من واشنطن، قبل ان تقوم بدورها بتحديد موقفها، وتعتبر ان تسلمها لأي عرض أميركي هو بمثابة تقدم. ما يؤشر الى انها تعتبر أن مثل هذه الخطوة من شأنها تحريك الغوص في التفاصيل وبعمق.
إلا أن هذه التعقيدات، ليست النهاية. وقد تكون بعض المواقف الإيرانية المتشددة تأتي في سياق الحملة الانتخابية. لكن ما هو مؤكد، ان عدم التقدم لا يعني ان كل التحضيرات للحوار الدولي ـ الإقليمي قد انتهت، أو ان تغييراً بالعودة الى الصفر قد تحقق، ولو ان أحداً لا يمكنه تحديد اتجاه الأمور في الحوار وبدايته منذ الآن.
وتبقى الأنظار متجهة الى الموقف الإسرائيلي الذي لم يُظهر أي نية بالتخلي عن تشدده، خصوصاً ان المناورات تأتي في ظرف إقليمي دقيق، ومع التهيئة للجو التفاوضي.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.