على الرغم من ان مجلس الأمن الدولي لم يصدر أي رد فعل بعد استماعه الى الشرح العلني والمغلق الذي أدلى به الموفد الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لمراقبة تنفيذ القرار 1559 تيري رود لارسن بشأن شبكة حزب الله داخل مصر، إلا ان ما قامت به الأمم المتحدة يعني تسجيل نقاط على الحزب في مجالي نشاطه خارج نطاق الأراضي اللبنانية، وتهديده بذلك الأمن والسلم الدوليين المنصوص عنهما في القرار 1559.
وتستبعد أوساط ديبلوماسية بارزة ان يعمد المجتمع الدولي في الوقت الراهن الى استخدام هذه النقاط التي تؤشر الى وضوح كبير في مصدر التمويل، وطريقة المراقبة، والسلاح المستعمل في إطار عدة الشبكة، لاستصدار موقف تصعيدي. مع العلم ان هناك قلقاً شديداً أبدته الدول الفاعلة في المجلس خلال الجلسة المغلقة الخميس الماضي للنظر في تقرير الـ1559 حيال هذا النشاط، وما يرمز اليه، إلا انه لا نية دولية لردة فعل، نظراً الى ارتباط الأمر بوجوب توافر ظروف مؤاتية دولية ـ إقليمية، ومناخ آخر، مختلف عن المناخ الحالي من التحضير للحوار لحل كافة المسائل العالقة بين المجتمع الدولي وكل من إيران وسوريا. مع الإشارة الى ان إسرائيل لا تمانع في استمكمال قرار مجلس الأمن الأخير حول غزة بقرار آخر، له ارتباط بالقرار 1559 بالنسبة الى حزب الله، يتم وضعه أمام الحكومة اللبنانية الجديدة، التي ستنبثق عن الانتخابات النيابية المقبلة، سعياً لتحميلها مسؤولية أي عمل يقوم به الحزب خارج لبنان لا سيما في ما يتصل بإمداد حماس بالسلاح.
كذلك فإن تجنب ردة الفعل الدولية والاكتفاء بتجميع المعلومات، يتصل أيضاً بالموقف المصري، إذ ان القاهرة تعتبر القضية مسألة قضائية وان القضاء سيأخذ مجراه، وهي في الأساس لم تقدم شكوى رسمية الى الأمم المتحدة، لكنها أرسلت رسالة الى الأمين العام بان كي مون تحيطه علماً بما يحصل، وهي أيضاً لا تقبل بتحويل مسار القضية، الى وضع من شأنه خلق شرخ عربي، في الوقت الذي تسعى خلاله لقيادة دور ومسؤولية في المصالحة الفلسطينية الداخلية، وإعادة إعمار قطاع غزة. في حين تستبعد الأوساط ان تسمح السلطات المصرية للبنان، ان يرسل من يلتقي بالموقوفين لديها قبل بدء المحاكمة، أو بعد إنتهاء التحقيقات، خصوصاً وان التوقيف جرى على مراحل أبرزها في 22 تشرين الثاني الماضي، وفي 28 كانون الاول 2008.
ويبدو لمصادر عربية، وجود حرب خفية بين الحزب وإسرائيل إذ أعلن في بيروت عن وجود شبكات تجسس مرتبطة بها. وهذه الحرب تقع حالياً على مدى جغرافي هو الأراضي اللبنانية والمصرية وغزة، وفي مجالات القرارات الدولية 1559 و1701 وصولاً الى القرار حول غزة. ولا يزال لبنان في طور إعداد رسالته التي سيرفعها الى الأمين العام للأمم المتحدة حول هذه الشبكات وينتظر إنجاز الرسالة معلومات الأجهزة الأمنية التي لا تفضل التوسع في المعطيات وتفصيلها، تلافياً للتأثير سلباً على سلامة التحقيق. وستظهر الرسالة ان هذه الشبكات هي خرق للقرار 1701. والأمر بدوره خرق للقرار 1559 الذي يطالب بإحترام سيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه. وستأخذ الأمم المتحدة علماً بهذه الوقائع، وستكون مع موضوع شبكة الحزب في مصر محور متابعة من جانبها.
إلا ان أي موقف سيكون متلازماً مع مسار التطورات الدولية ـ الإقليمية في المرحلة المقبلة. فإذا اتخذ المسار منحى الحوار والجدية، سيتم التعامل مع هذه الملفات بطريقة هادئة غير تصعيدية. وأما إذا كان المنحى صعباً ومتعثراً، فيمكن توقع بالعودة الى التصعيد في مجلس الأمن.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.