حضر نائب مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط السفير ديفيد هيل الى بيروت أول من أمس الخميس، بالتزامن مع انتهاء زيارة مساعد وزيرة الخارجية لشؤون المنطقة جيفري فيلتمان ومسؤول ملف المنطقة في مجلس الأمن القومي دانيال شابيرو لدمشق ولقاءاتهم مع المسؤولين هناك. ولم يكن ليبدأ لقاءاته الرسمية في لبنان، إلا بعد أن اطلع على نتائج زيارة دمشق من فيلتمان وشابيرو، حيث حمل الى المسؤولين اللبنانيين ما توصلت اليه لا سيما في ما خص نقاطا معينة متعلقة بالوضع اللبناني خصوصاً مرحلة الانتخابات النيابية التي ستجرى بعد أقل من شهر.
وتبعاً لذلك، يضع هيل المسؤولين في لبنان، في صورة ما تم طرحه في دمشق حيث جرى إبلاغها رسالة الإدارة الأميركية المتصلة بضرورة عدم التدخل في الانتخابات النيابية اللبنانية، وبالأهمية البالغة التي توليها واشنطن، لاستمرار الاستقرار والهدوء في لبنان، ولمعيار عدم اللجوء الى التخريب وزعزعة الأمن. ثم يضعهم أيضاً في صورة الرد السوري على هذا الاهتمام الأميركي. مع الإشارة الى أن تحقيق هذا المعيار قبل الانتخابات واثناءها، كان محور اتصال أميركي ـ سوري قبيل إتمام الزيارة.
ويأتي نقل الرد السوري الى المسؤولين في بيروت، لكي لا تظهر الإدارة الأميركية في تحركها انه يتم بحث أي موضوع بينها وبين دمشق، في ما يتصل بلبنان، بعيداً عن معرفة اللبنانيين به، أو ان شيئاً ما يدور من تحت الطاولة، بل ان هناك إعادة تأكيد أميركي من خلال زيارة هيل، الذي هو في الوقت نفسه مساعد لفيلتمان وللموفد الأميركي الرئاسي الى الشرق الأوسط جورج ميتشل، حول سياسة الإدارة الواضحة تجاه لبنان، وإعادة تطمين حول دعم سيادته واستقلاله والتعامل معه كدول مستقلة، إنطلاقاً من انه شريك في أي مباحثات في المنطقة، ومطّلع على ما يدور، وهو موجود على طاولة الحوار والمباحثات، بسبب دوره الأساسي واستقلالية هذا الدور.
وبالتالي، لم تكن الإدارة الأميركية تحتاج لإيفاد أي مسؤول لديها الى لبنان لاستطلاع الوضع قبل الانتخابات، لولا المهمة التي كلف بها فيلتمان وشابيرو في دمشق، في جزئها المتصل بلبنان. على ان الإدارة خططت لتفعيل زيارات موفديها على مختلف المستويات بعد الانتخابات النيابية، وهي تدرك الوضع اللبناني جيداً.
ومن بين المواضيع التي ناقشها فيلتمان وشابيرو في دمشق، استكمال الحوار حول التعاون السوري الايجابي الذي تحقق حتى الآن في العراق، واستكمال البحث في مسار العلاقات الثنائية الأميركية ـ السورية، وفي المسألتين كانت هناك ولا تزال نقاط عالقة ولم تكن زيارة الرجلين الى دمشق مبرمجة بعد زيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد اليها مباشرة، انما جاء ذلك صدفة.
والتحرك الأميركي في اتجاه لبنان وسوريا، والمنطقة، مجدداً، يأتي بالتزامن مع إبلاغ الرئيس الأميركي باراك أوباما كل من زاره من رؤساء الدول، انه سيعلن تصوره للحل في الشرق الأوسط، خلال شهر حزيران المقبل. أي بعدما يكون قد استكمل لقاءاته كافة مع قادة المنطقة، المسجلة على جدول مواعيده.
وأوضحت مصادر ديبلوماسية غربية بارزة، ان تصوره المنتظر لن يكون بعيداً عن المبادرة العربية للسلام، وحل الدولتين اللتين يتمسك بهما العرب. وبعد إعلان التصور، ستنتقل الإدارة الى مرحلة أخرى، حيث ستعرض الحل مع كل الأطراف مباشرة، لا سيما مع إسرائيل. ويبدو ان إسرائيل ستكون أكثر الدول إحراجاً، بعد رفع حكومتها، السقف حيال موضوع السلام. لكن المصادر، تتوقع الا تكون الدولة العبرية في وارد المواجهة مع الولايات المتحدة، ومع الرئيس أوباما تحديداً، وهو الذي يملك مشاريع وأفكارا قد لا تتناسب كلها مع مصلحة إسرائيل، خصوصاً ان رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو لن يتمكن إذا ما استمر في سياسته من تحقيق أي مكسب، ولن يتم التوصل الى حل إذا ما بقي متمسكاً برفض التفاوض والتقدم الجوهري في عملية السلام.
وتعوّل الإدارة الأميركية على قبول إسرائيل بصيغة توافقية حول السلام. إلا أن أداءها الفعلي سيؤكد رغبتها واتجاهاتها العملية، لكن ما من شك ان اقتراب التصور الأميركي للحل من المبادرة العربية للسلام، سيرضي العرب، ويوفر لطرحه مدخلاً ايجابياً يمكن لهذا الفريق درسه وبحثه.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.