8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

لـدعم الاعتدال تفسير واحد لدى واشنطن معارضة التطرف ودعم الاستقرار والسلام

الدعم الأميركي للاعتدال في لبنان، والذي تحدثت عنه وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون لدى زيارتها، فسّره وزير بارز شارك في اللقاء الذي جمعها ورئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان بأنه دعم للاستقرار والأمن والسلام. ولا تزال الاهتمامات الداخلية والخارجية تنصب على استطلاع معاني هذا الدعم وأبعاده، وطريقة بلورته على أرض الواقع، بعد أن تستكمل الادارة جمع كل المعطيات حول أوضاع دول المنطقة عبر جولات موفديها ومبعوثيها المتكررة على الرغم من نضج بعض الأفكار التي ستكوّن المرتكزات الأساسية لسياستها واسلوبها في المنطقة.
فمن حيث الاستقرار والأمن، تؤكد مصادر ديبلوماسية، استمرار الولايات المتحدة في دعم سيادة لبنان واستقلاله وما يجب استكماله من منجزات على هذا الصعيد، فضلاً عن الدعم للمحكمة ذات الطابع الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في مختلف المحطات التي تشهدها، ولن تتخلى واشنطن عن الدعم المعنوي هذا، وللمفاهيم التي تحملها تلك العناوين.
وتبعاً لذلك، لن تتدخل في مجريات الانتخابات النيابية والتحضيرات لها، وستظل بعيدة منها، وهي ستوفد الى لبنان بعد صدور نتائجها، فوراً مسؤول ملف الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي دانيال شابيرو، وهو الذي كان في بيروت مع مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأوسط السفير جيفري فيلتمان قبل نحو شهر ونصف شهر، من أجل استطلاع التطورات.
ومؤشرات الاعتدال ودعمه، استناداً الى المصادر، هي في دعم الرئيس سليمان ورئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة، كقوى اعتدال، مقارنة ببعض من يمثلون التطرف والذي يصفونهم بأنهم ليسوا معتدلين، ولا يجسدون في نظرهم قوى الاعتدال.
كما ترفض واشنطن الاصطدامات في لبنان، وتفضل ان يكون بلداً مستقراً، بعيداً عن أهداف شل الدولة والاقتصاد فيه. فضلاً عن انها تدعم أي صيغة تجعل كل الأطراف تتعاون وتتعامل مع لبنان كدولة مستقلة بالطرق السلمية بعيداً من العنف وشل الادارة.
أما الموقف من الحكومة المقبلة فلن يتخذ قبل معرفة نتائج الانتخابات، وبالتالي لا تفسيرين لدعم الولايات المتحدة للاعتدال، بل تفسير واحد.
وفي الواقع، اختارت كلينتون التوقيت المناسب للقيام بزيارتها للبنان، قبل استحقاقات داخلية عدة قريبة ومتوسطة المدى.
الأول عشية أول موقف يصدر عن المحكمة، وقبل شهر وأيام معدودة على اجراء الانتخابات النيابية، لإعادة تأكيد الدعم. مع الاشارة الى انها كانت تستعد لزيارة بيروت في مطلع آذار الماضي عندما كانت في شرم الشيخ، حيث شاركت في المؤتمر الدولي لإعمار غزة.
الا ان تسريب الخبر في لبنان قبل الزيارة حال دونها.
ويرتبط التوجه الأميركي الاعتدالي باقتناع الادارة الجديدة، بضرورة تحسين صورة الولايات المتحدة في المنطقة بعدما كانت تأثرت من جراء بعض المحطات الناتجة من توجه الادارة السابقة. اذ تريد منذ الآن اظهار سياسة المعتدل في المنطقة، على أن اللطف واللين الأميركيين يجب ألا يُفهما ضعفاً، وقد وجد أكثر من طرف عربي في هذا المناخ الأميركي الحواري وقبل أن تطرأ عليه مستجدات، فرصة لتشجيع هذا التوجه علّه يوصل الى تحقيق تقدم في تنفيذ المبادرة العربية للسلام، خصوصاً في وقت يحاول رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو رفع سقف مواقفه في شأن التسوية السلمية.
وتكشف المصادر، ان الملك الأردني عبدالله الثاني، طلب من واشنطن خلال زيارته اليها أخيراً، إبداء صورة الاعتدال، وإظهار القدرة على تأدية دور الراعي الصالح والمعتدل للمفاوضات وتقديم ادائهم على هذا الأساس، بديلاً من أن يكون الأمر دعماً لطرف دون آخر. فيكسب العرب من خلال احتمال نجاح هذا الدور، عشية استحقاقات كبيرة داخلية ان في لبنان وفلسطين أو بالنسبة الى الجهود المبذولة لمعاودة العملية السلمية.
وبالتالي: تتوقع واشنطن من خلال دعمها للاعتدال في لبنان، ان تنخرط الحكومة الجديدة التي ستنبثق عن الانتخابات النيابية في التفاوض السلمي، في رسالة استباقية منذ الآن، في ما تنتظره من لبنان من مواقف معتدلة، وليس لهجة عنيفة أو رافضة.
وقد تم الطلب الى لبنان، بأن يعمد الى تقديم اشارات ايجابية تجاه عملية السلام، واستئناف التفاوض مع اسرائيل، واستعدادات جدية في هذا الصدد. وقد تم تمرير الطلب مباشرة وعبر تركيا، وقد رد رئيس الجمهورية خلال وجوده في تركيا بالشكل المناسب الذي يجسد الثوابت اللبنانية والاستعدادات اللبنانية انطلاقاً من ذلك.
وتبدي المصادر، تخوفاً على الوضع اللبناني في فترة ما بعد الانتخابات في حال تكرست ثلاثة عناصر هي:
ـ عدم توصل الحوار الأميركي ـ الايراني الى نتيجة، وخصوصاً ان صعوبات كبيرة تحيط به.
ـ اذا أدركت اسرائيل فعلاً أن إيران اقتربت جداً من انجاز برنامجها النووي.
ـ واذا ما قامت المعارضة في لبنان بعرقلة عملية الاستجابة للتفاوض السلمي مع اسرائيل بعد الانتخابات.
فالتحضيرات لمعاودة العملية السلمية تسير لكي تبدأ في الخريف المقبل، ولن يستبق لبنان هذا الاستحقاق، بالتوصل الى آلية محددة للاستراتيجية الدفاعية عبر جلسات الحوار. فالمرحلة الحساسة في لبنان بعد الانتخابات، لها علاقة مباشرة بالتفاوض السلمي في المنطقة وبانخراطه فيها، وما تشمله هذه المسألة من تداعيات وترابط بالظروف الدولية ـ الاقليمية.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00