إنعكس غياب الرئيس المصري حسني مبارك عن القمة العربية التي تُنهي أعمالها اليوم في الدوحة، على أهمية التوقعات المرجوة منها والحد من ذلك، وتنفيس أهمية بعض الأهداف التي كان يؤمل أن تحققها، خصوصاً في زيادة التقدم في أجواء المصالحات العربية.
وتكشف أوساط ديبلوماسية عربية بارزة، أن مبارك أبلغ الى الجامعة العربية، وإلى أكثر من مسؤول عربي رفيع قبل نحو عشرة أيام، عدم مشاركته في القمة. وبدورها أبلغت الجامعة الى قطر هذا الموقف، الذي يكاد يشابه الى حد كبير موقفها من قمة دمشق العام الماضي. وكان بالإمكان أن تظهر مبادرة قطرية في اتجاه القاهرة خلال هذه الفترة، لترطيب الأجواء، وتأمين مشاركة مصرية على مستوى القيادة، إلا أن ذلك لم يحصل.
على أن الأوساط تؤكد وجود أسباب غير معلنة، تبدو خلافية جداً، جعلت مصر تتخذ هذا الموقف، وهي ليست مقتصرة على الحملة المركزة التي شنّتها قناة الجزيرة على مصر أيام الحرب الإسرائيلية على غزة، إنما تتصل أيضاً بالاستياء المصري من المساعدات القطرية التي ترسل الى حماس لتقويتها، وكذلك السلوك القطري حيال المبادرة المصرية والدور المصري في غزة، وعلاقته بالمؤثرات التي تجعل حماس أقل قابلية للتمسك بهذا الدور. في حين أن ما يهم مصر هو تسوية المسألة في غزة، وهي مسألة مفصلية بالنسبة الى الجهد المصري في هذه المرحلة، الأمر الذي اعتبرت مصر أنه لا يدل على مصالحة جدية هدفها التصدي للمشكلات التي تواجه العرب، وأن المصالحة بينها وبين قطر لا تعدو كونها بالشكل، في الوقت الذي أملت القاهرة في أن تبلور المصالحة، مواقف عربية، خصوصاً من جانب قطر، لناحية التسليم بالدور المصري لحل مشكلة غزة، والثقة به.
وكان لافتاً أن الأجواء الإيجابية التي تحققت حتى الآن على مستوى المصالحة السعودية ـ السورية، لم تؤثر على الوضع بين مصر وقطر، وليس بالضرورة أيضاً وجود رضا مصري كامل عن الأداء السوري الراهن، ولكن الخلاف المصري ـ السوري ليس بحدة الخلاف المصري ـ القطري. وهناك قنوات اتصال مصرية ـ سورية، على الرغم من أن أجواء المصالحات لم تحل كل العناصر الخلافية، خصوصاً تلك التي تأثر بها الموقف لدى كل من الرياض والقاهرة.
غير أن القمة العربية ستطوي مرحلة لتبدأ أخرى على مستوى العلاقات العربية، على الرغم من النتائج الباهتة التي ستفضي إليها، بفعل غياب الحضور المصري الفاعل عنها، ولكن من المنتظر أن تقوم مساع ثنائية ومتعددة الأطراف مع كل من مصر وقطر، لتقريب وجهات النظر، والتخفيف من عوامل التشنج بينهما، لا سيما وأن قطر سترأس القمة على مدى سنة حتى آذار 2010، ومن المفيد لنجاح دورها في الرئاسة، أن تبذل جهوداً لتعزيز فرص وحدة الصف العربي والعمل العربي المشترك، الذي لا يزال في خطر. وهذه الأهداف لن تتوافر إلا بتوافر المصالحة الجدية التي تعالج التحديات العربية في العمق.
وتبعاً لذلك، لن تكون للقمة أي قرارات متصلة حصراً بالموقف المصري ـ القطري. إذ أن القمم عادة تعمل على تتويج أي اتفاقات أو مصالحات أو ميل جديد ناشئ يحظى بدعم عربي، إنما ترتيب الأمور في الجوهر، يتم تارة في السر وتارة في العلن ويتوزع بين أدوار لوزراء الخارجية، وأخرى لمسؤولين كبار في أجهزة المخابرات بين الدول.
وفي المرتقب، أن تسعى دول عربية الى تفعيل التقارب السعودي ـ السوري على خط مصر ـ قطر، لكن هناك قلقاً من أن أي استمرار للمواقف المصرية والقطرية، قد يهدد مصير أي اتصالات ستنشط بعد القمة في هذا الشأن.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.