عوامل عديدة ستحكم طريقة التعاطي الخارجي، الدولي والاقليمي مع نتائج الانتخابات النيابية اللبنانية، على الرغم من ان كل الأفرقاء سيعلنون عدم تدخلهم في الشأن اللبناني الذي يعود فقط إلى اللبنانيين. هذه العوامل هي: النظر إلى نتائج الحوارات الاقليمية ـ الدولية وأين يكون قد أصبح مسارها، ثم مدى تأثير الموقف الأميركي على التوجه الذي تميل إليه بعض مراكز التقييم الفرنسي بالنسبة إلى حكومة الوحدة الوطنية، فضلاً عما سيكون قد آل إليه الحوار العربي مع سوريا حتى ذلك التاريخ.
وإضافة إلى الميل الفرنسي الذي يصاغ، بحسب مصادر ديبلوماسية غربية، آخذاً في الاعتبار عناصر كثيرة وظروفاً معينة يجري التنبه إليها من جانب المسؤولين الفرنسيين حرصاً على الاستقرار، فإن هناك أطرافاً أخرى ستجري تقييمها في الوقت المناسب أيضاً وستكون تقاريرها فاعلة، وأبرزها واشنطن حيث لا تزال تتمسك بضرورة احترام القواعد الدستورية اللبنانية انطلاقاً من اتفاق الطائف.
على أن فرنسا في الميل الذي قد يتبلور لديها، تفضل حكومة على شكل الحكومة الحالية، وترى ان على كل الأفرقاء اكثرية واقلية ان يتعاونوا وأن يعطوا بعضهم بعضا، وذلك استناداً إلى عناصر رئيسية:
ـ ان الاحتمالات تشير إلى أن أي تبدل جوهري وكبير في نتائج الانتخابات لن يتحقق، وأنّ أي زيادة أو نقصان في الاقلية أو الأكثرية لن يكونا بفارق كبير، وهو لن يتعدى 4 أو 5 نواب. والنظر إلى مثل هذه النتيجة يحتم التطلع إلى المعنى السياسي لها، كما يحتم النظر، استناداً إلى المصادر، إلى مستقبل العمل الحكومي وآفاق تفعيله، فبين ان يبقى التعطيل مستمراً، أو أن يتم تسيير شؤون البلاد بحد معقول ومقبول من التفاهم، يفضل الثاني، فضلاً عن العوامل التي توفرها الحكومة الوفاقية، من تسهيل ودعم لمهمة رئيس الجمهورية.
ـ ان هذا الميل، يستند إلى تقييم بأن نتائج الانتخابات ليست معروفة وأكيدة، وأنه في كلتا الحالتين، حيث فوز الأكثرية الحالية، فإنّ تشكيل الحكومة سيواجه مشكلة التمثيل الشيعي فيها، وفي حال فوز الأقلية الحالية فإنها ستواجه مشكلة التمثيل السنّي فيها. والمشكلتان تتعادلان بحسب التقييم، الذي لا يُعد شاملاً ونهائياً. ولهذا هناك حل قد يعتمد عبر الحكومة الوفاقية لتأمين تمثيل فعلي لأي من الطائفتين في حال فوز الجهة التي تعارضها. وما يشجع هذا التقييم هو انه في الحالتين، لم تستطع الأكثرية أن تحكم وحدها، وهذا ما عاناه لبنان والفريق السيادي والاستقلالي طوال السنوات الأخيرة الماضية، على الرغم من انجازات كبيرة تحققت.
ـ يعتبر هذا التقييم الفرنسي ان الاستقرار اللبناني يلزمه وفاق تشارك فيه كل الطوائف، ولأجل استمرار الاستقرار بدا الميل الفرنسي هذا، على أساس ان الظروف التي ستسود اثر الانتخابات، والمعطيات الدولية ـ الاقليمية حينها، ستحدد امكان السير قدماً بهذا الميل، أو تراجعه لمصلحة النظرة الأميركية التي تتمسك برفض استمرار صيغة اتفاق الدوحة. وقد حسمت واشنطن ومن خلال زيارة مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأوسط السفير جيفري فيلتمان، ومسؤول ملف المنطقة في مجلس الأمن القومي دانيال شابيرو إلى دمشق، الأمر عندما رد فيلتمان بأن اللبنانيين يقررون مصيرهم، وان لبنان للبنانيين، وجاء ردّه هذا، على الطلب السوري إليها باستمرار صيغة الدوحة بعد الانتخابات النيابية، وطلب دمشق الموافقة الأميركية على ذلك.
ومن المقرر ان يتكثف التشاور الأميركي ـ الفرنسي حول الموقف في لبنان في ظل الاستعدادات للانتخابات، ويبدو أن لدى باريس اتصالات قوية بقطر وبسوريا، إلى ان كل ذلك لا يعني تأثر فرنسا بهذه الجهات، إنما تأمل منها أن تساهم في دور إيجابي وبنّاء لخدمة الاستقرار السياسي والأمني في لبنان، وفي الحفاظ على منجزات السيادة والاستقلال التي تحققت وتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بلبنان.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.