في الوقت الذي أُبعد موضوع المحكمة ذات الطابع الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والجرائم الإرهابية الأخرى، عن المسار الراهن الذي تسلكه العلاقات الدولية ـ الإقليمية من حوار وانفتاح، تؤكد أوساط ديبلوماسية معتمدة لدى عاصمة مهمة، ان مهمة المحكمة مستقلة، وعملها سيكون منفصلاً عن أي مؤثرات سياسية دولية أو في المنطقة، وهذا أولوية مطلقة.
وتبعاً لذلك، هناك أمران أساسيان يقتضي التوقف عندهما، الأول، هو ان المجتمع الدولي والعربي، لن يكون قادراً على تجاهل قرارات المحكمة أياً تكن، ومهما كانت نتيجة الحوارات والتقاربات السياسية.
ولهذا السبب سيكون مسار المحاكمة مستقلاً وأي اتهام أو قرار نهائي لاحقاً، ستأخذه الدول في الإعتبار، مع ان الدول ستكمل الحوار والجميع سيبقى يتحدث مع كل الأطراف المؤثرة لتحقيق المطالب الدولية. وسيُستكمل التفاوض، حتى ان هناك حلولاً سياسية قد تنضج. من الآن وقبل انتهاء المحاكمة، التي ستأخذ وقتها لكي تحقق العدالة وبكل الأدلة. وما دامت المحاكمة ستأخذ وقتها، فلا مانع من الدخول في حوارات ومساع وجهود لتذليل المسائل العالقة، وايجاد حل لها.
والأمر الثاني، هو ان الدول تتجه الى دعم متجدد للمحكمة، بحيث لن تكون مستعدة لأن تقف ضد قراراتها، ولذلك فإنها تدرك تماماً أن المدعي العام سيطلب الى المحكمة، المتهمين كافة بغض النظر عن جنسياتهم، وذلك بعد صدور القرارات الاتهامية تباعاً، ومن الصعب جداً رفض طلباته. وأي رفض لطلباته يعني رفضاً للتعاون مع المحكمة.
وتشدد الأوساط على ان للمدعي العام صلاحيات استدعاء المتهمين والمطلوبين الى المحكمة، في إطار القرار الاتهامي، حتى لو لم تكن الدول التابعة جنسيات المطلوبين اليها، قد وقعت اتفاقات مع المحكمة أو مذكرات تفاهم حول تفاصيل ذلك. وصحيح ان المحكمة ليست واقعة في سياق الفصل السابع، إلا ان ذلك لا يعني ان المعنيين بأحكامها وقراراتها، يستطيعون عدم التعاون أو التفلت من مقتضياتها. فهناك كلفة سياسية واقتصادية لعدم التعاون.
وتستبعد الأوساط لجوء أي جهة الى عدم التعاون مع المحكمة، معتبرة أن من تعاون مع لجنة التحقيق طوال فترة أربع سنوات لن يلجأ فجأة الى عدم التعاون مع المحكمة، واللجوء الى عدم التعاون يعني وجود قرار بالدخول في مواجهة مع المجتمع الدولي ومجلس الأمن، لأن لكليهما دوراً ضاغطاً، الأول سياسي واقتصادي، والثاني قرارات تصدر تحت الفصل السابع لإلزام الدول بالتعاون.
ومن المفيد للدول التي تتبع مسار الحوار والانفتاح، استناداً الى الأوساط، ان تتعاون مع مقتضيات المحكمة، إذا ما أرادت الانفتاح ومزيداً من إعادة بناء الثقة، وإلا تعود الى العزلة والعقوبات. فبوجود الفصل السابع للمحكمة، لو من دونه، أو بوجود مذكرات تفاهم وتعاون بين الدول والمحكمة، أو من دون ذلك، فإن المعنيين بقرارات المحكمة ملزمون بالتعاون ومن الصعب رفضه.
وتؤكد الأوساط ان لدى المدعي العام في المحكمة القاضي دانيال بيلمار عناصر الجريمة وطريقة تنفيذها، وهو خلال الأشهر الفاصلة عن نهاية السنة الحالية، سيعمل على استكمال المعطيات والأدلة حول بعض المفاصل فيها. ويتوقع ان ينجز التعرف الى كل الأدلة ما بين الخريف والشتاء المقبلين، فتكون قاعة المحاكمة قد أنجزت بحسب ما هو متوقع لها مطلع سنة 2010.
وفي كل الأحوال، ليس هناك من وقت محدد واضح منذ الآن حول موعد انتهاء التحقيق في إطار المحكمة، إلا أنها باتت واقعاً، ومسار المحاكمة بعد إنجاز التحقيق سيأخذ وقته، وقد يفتح الادعاء العام باباً جديداً أو أبواباً اخرى على متهمين انطلاقاً من القرارات الاتهامية، والمحاكمات والتحقيقات، وذلك بصورة تصاعدية وأفقية. وبعض نتائج المحاكمة تساعد أيضاً في اكتمال بعض التحقيقات في مواقع اخرى.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.