8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

تبادل أفكار دولي ـ إقليمي يمرر استحقاقات المنطقة

اجمعت المعطيات المتوافرة لدى مراجع ديبلوماسية بارزة، انه على الرغم من اجواء التقارب العربي، ومناخات بدء الحوار الاميركي مع دمشق ومع ايران في نهاية هذا الشهر، وهي جاءت متزامنة في توقيتها، فإن التوصل الى اي نتائج ملموسة سيأخذ وقتاً، لكن طالما هذا الحوار وتبادل الافكار، قائم، فإنه من المرجح ان يبقى الوضع اللبناني هادئاً ومستقراً، وان يخيم على الوضع العربي مزيد من الانفراجات.
انها مرحلة يتحدث فيها الجميع مع الجميع، وهم يعملون على ما يمكن تحقيقه من التغيير. وهذا يتم على اساس استبدال الدول الكبرى اسلوب المقاطعة، باسلوب الحوار لتنفيذ الثوابت الدولية حيال ملفات لبنان والمنطقة، ما دامت اساليب العزلة والمقاطعة لم تؤد الى نتيجة.
ومرحلة تبادل الافكار هذه ضرورية، وهي تسبق ارساء الولايات المتحدة الاميركية لسياستها الخارجية، التي بدأت مؤشراتها تظهر امام الافرقاء واللاعبين في المنطقة. انما في هذه المرحلة لن يعمد اصحاب التقارب الى وضع كل اوراقهم على الطاولة سريعاً الامر الذي يفسر حاجة الحوارات الحاصلة الى وقت لتتبين نتائجها، بحيث تتم معرفة ما اذا كانت الاطراف ستبيع بعضها البعض مباشرة، ام انها ستقوم بذلك لكن عبر الراعي الاميركي وفي إطار موافقته المباشرة. ثم ما هي الاثمان المقابلة لاي استعدادات لدى الدول الاقليمية اي ايران وسوريا للتعاون مع المتطلبات الدولية، وطبيعتها.
وبات مؤكداً لدى المعطيات، ان كلتا الدولتين تبحثان عن ثمن. وما التصريحات التي يدلي بها قادتهما سوى للتأشير على ذلك. لكن هذه المرحلة مفيدة بالنسبة الى الدول المتمسكة بالحوار، لأنها تكشف الرغبات الحقيقية وتعمل على استخراج الارادة الفعلية، لدى الدول الاقليمية، بحيث تأتي اي خطط سياسية جديدة، مدركة تماما لما هو متوقع من طريقة التعامل الاقليمية مع منحى الحوار المطروح. في حين ان اللقاءات العربية التالية، والزيارة التي قام بها مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الاوسط جيفري فيلتمان، ومسؤول ملف الشرق الاوسط في مجلس الامن القومي دانيال شابيرو، لم تأت باتفاقات حول كل شيء، انما هي بداية الطريق في الحوار. وليس لأي طرف في الحوار ان يبلغ الطرف الآخر منذ اللقاء الاول، حول ما يريد تقديمه كنتيجة للانفتاح والتقارب. وبالتالي، فان ما سيحصل بالفعل في المرحلة اللاحقة لا يزال في طور الغموض.
كما ان اي بلورة للسياسة الاميركية، لن تظهر قبل استكمال استحقاقات انتخابية في المنطقة بدءاً بلبنان، وايران، والعراق، وافغانستان، فضلا عن ما سيتكشف عن سياسة الحكومة الجديدة في اسرائيل.
وفي اطار هذه الاستحقاقات، لكل طرف دولي واقليمي عناصر قوة في حال مالت النتائج صوب الخط الذي يقترب من توجهاته. ولن يكون هناك بحث معمق في سياق الحوار الدولي الاقليمي الذي يتم التحضير له، الا بعد مرور هذه الاستحقاقات. على ان التمهيد للحوار الدولي الاقليمي منذ الآن، واجواء التقارب العربي، ستساهم في مرير هذه الاستحقاقات في المنطقة بصورة هادئة وبأقل قدر ممكن من التشنج.
وتشير المعطيات، الى ان ما هو مطلوب من ايران وسوريا بات معروفا. لكن هناك انتظار ايراني لما ستقوله واشنطن مباشرة، الا ان اي تسوية مع ايران سيكون في اولويات واشنطن حيالها، الملف النووي، وستكون القضايا الاخرى المتصلة بالنفوذ الايراني في المنطقة ملحقة بها. اما مع دمشق، فهناك التحالف مع ايران ومستقبله، وموضوع السلام بين سوريا واسرائيل، الذي يبدو انه اسهل من المسار الفلسطيني الاسرائيلي، فضلا عن الالتزام بكافة مقتضيات استقلال لبنان وسيادته وتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة.
ومن المهم لدى واشنطن التأكد من الاشارات الايجابية الايرانية حول الحوار معها. وهذا ما سيتم العمل عليه الآن، ولمدى استعداد ايران لان تستمع للمطالب الاميركية، كون الإدارة الأميركية تعتبر ان العقدة هي ايران وليس سوريا.
ولان الحليفين الاقليميين مرتبطان بالحلف الاستراتيجي، تسعى واشنطن، في مرحلة بدء الحوار مع دمشق، والذي يسير وفق قواعد التعامل بين دولتين، وهو لم يصل الى الحد الرئاسي، كونه لم يكن مطلوبا ان يجتمع فيلتمان وشابيرو مع الرئيس السوري، تسعى لمعرفة قدرة دمشق على الذهاب اكثر مع المبادرة الدولية من دون الحليف الايراني. كما ان هناك اهتماماً لمعرفة قدرة دمشق على السير بالسلام مع اسرائيل، وفصل الجولان عن الاراضي العربية التي لاتزال محتلة، وعلى السير كذلك بالسلام بمعزل عن الوضع العربي ككل.
وفي كل الاحوال، اذا لم تكن هناك نية لدى الحكومة الاسرائيلية للسلام على المسار السوري، فلن تكن لدمشق القدرة على التجاوب مع اي طروحات في شأن هذه العملية.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00