ناقش مجلس الأمن الدولي، أول من أمس الثلاثاء، التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حول مجريات تنفيذ القرار 1701. ولعل التقرير هو أهم تقرير وُضع حتى الآن في هذا المجال، نظراً الى صراحته في مقاربة الوقائع، وتسميته التطورات بأسمائها، ولا سيما بشان ما لم ينجز في تعاون الدول المحيطة بلبنان مع مقتضيات تنفيذه.
ولا تقتصر أهمية التقرير فقط على وضوحه الكامل، وخصوصا أن التقارير السابقة راعت الظروف السياسية والحوارات الدولية ـ الإقليمية حول الوضع اللبناني، ولو في اللهجة، إنما أيضاً، ما يشكله من تقييم دولي لنتائج الانفتاح الغربي على دمشق، على عتبة انطلاقة السياسة الأميركية الجديدة في لبنان والمنطقة. وتبعاً لذلك، لا يمثل التقرير تسجيلاً لما أنجز على صعيد بنود القرار 1701 فحسب، بل أنه أرسل رسالة سياسية مفادها، أنه بعد الانفتاح الدولي على دمشق، فإن المطلوب والكافي لم يحصلا، وأنه بعد كل المبادرات والحوار، فإن النتيجة بقيت عند حد معين، وهي أقل مما كان يفترض تحقيقه، أي بصورة أخرى، فإن التقرير أشّر الى ضرورة عدم اللجوء الى إعطاء خطوات واسعة على صعيد الانفتاح، مقابل بعض الاستعدادات الضئيلة والمحدودة الفاعلية، كما حصل حول التعاون السوري مع المسألة اللبنانية، ما يعني أنه لا يزال هناك الكثير من العناصر الواجب تحقيقها، وأن الانفتاح يجب أن يسير على مستوى سوي مع ما يُقدم فعلياً.
هذه المعطيات لفتت العديد من سفراء الدول لدى الأمم المتحدة ومجلس الأمن. وتفيد مصادر ديبلوماسية مطلعة، أن الأجوبة التي كان تلقاها المنسق الخاص للأمين العام في لبنان مايكل وليامز، من المسؤولين في دمشق، خلال زيارته إليها في 11 شباط الماضي، كانت عاملاً أساسياً وراء اللهجة التي يتميز بها التقرير، والطريقة الواضحة التي سجل فيها ما تحقق، وما لم يتحقق خصوصاً.
واللهجة اللافتة في التقرير تناولت المسائل الآتية: ان الحكومة اللبنانية لم تتلق أي ردة فعل من حكومة سوريا حول تشكيل الوفد اللبناني في لجنة ترسيم الحدود اللبنانية ـ السورية الذي تقرر في 23 كانون الأول 2008. وتبلغ منسقي الخاص من سوريا أنها تفتقر الى القدرة التقنية لترسيم حدودها مع لبنان. كما أنها لم تشكل وفدها في اللجنة مع لبنان.
وفي قضية مزارع شبعا، أشّر التقرير الى تلاؤم المصالح السورية ـ الإسرائيلية حيال هذه القضية. وسجل أنه لا يمكنه الحديث عن تقدم مهم، وأن المسؤولين في كل من سوريا وإسرائيل يقولون إن حل قضيتها يأتي في إطار حل مسألة الجولان السوري الذي تحتله إسرائيل، وأنه سيتابع السعي للحل على الرغم من أن سوريا وإسرائيل غير راغبتين فيه.
وعن إقامة العلاقات الديبلوماسية بين لبنان وسوريا، دعا الى استكمال هذه الخطوة، وخصوصاً أن دمشق لم تعيّن سفيراً لها لدى بيروت حتى الآن، في حين أن لبنان عيّن سفيره لديها.
وفي ما خص التنظيمات الفلسطينية المسلحة خارج المخيمات، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة وفتح الانتفاضة وضرورة تنفيذ قرارات الحوار الوطني حول ذلك. فقد دعا لبنان الى نزع أسلحتها، وكذلك تعاون سوريا لما لها من تأثير عليهما. لكنه أعرب عن أسفه لعدم رغبة سوريا في التعاون في هذه المسألة كما نقل له المنسق الخاص إثر زيارته لها.
ولحظ التقرير حول هذه النقاط، أن لبنان قام بما عليه، من أجل تنفيذ العناصر ذات الصلة بالقرار 1701. وهذه النقاط تشكل في الوقت نفسه سلة من المطالب الدولية من دمشق مع غيرها من المطالب المتصلة بالمنطقة وبالسلوك السوري مع قضاياها.
وإذا كان التقرير تحدث عن خروق إسرائيل للقرار 1701، إلا أنه قال حول مدى التعاون السوري ما لم يقله في السابق.
والآن تتجه الأنظار الى اللهجة التي سيتسم بها تقرير الأمين العام حول مجريات تنفيذ القرار 1559 الذي سيحيله على مجلس الأمن في منتصف نيسان المقبل. وهو سيتناول في بعض مفاصله نقاطاً مشتركة مع تقريره حول الـ1701.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.