تنطلق المحكمة ذات الطابع الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري الأحد المقبل، وسيكون يوماً تاريخياً ومفصلياً بالنسبة الى مسار العدالة في هذه الجريمة والجرائم الارهابية الأخرى.
ولا يكتسب هذا اليوم أهميته الاستثنائية، فقط، من خلال الاحتفال للاعلان عن انطلاقتها والذي ستلقى فيه كلمات للأمين العام للأمم المتحدة ممثلاً بوكيلته للشؤون القانونية باتريسيا أوبرايان، وللبنان ممثلاً بالسفير لدى هولندا زيدان الصغير، وحضور المدعي العام دانيال بيلمار وأركان المحكمة، وللسفراء لدى هولندا وممثلين للمحاكم الدولية التي تتخذ لاهاي مقراً لها، ومنظمات دولية وأخرى غير حكومية. انما يتمثل أيضاً، بإحاطة الأمين العام مجلس الأمن علماً، بانتهاء التحضيرات لانشاء المحكمة، واكتمال الجهوزية لبدء عملها في الأول من آذار، وابلاغه تفاصيل هذه الخطوة. وسيتكرس ذلك قبيل ساعات على بدء عملها، وذلك عبر اصدار بان كي مون لتقريره الرابع حول مجريات تنفيذ القرار 1757 الخاص بانشاء المحكمة واحالته الى مجلس الأمن، الذي سيبقي مسألة المحكمة قيد نظره الفعلي.
ويواكب انطلاق العمل الفعلي للمحكمة، دعم دولي سياسي ومالي لها. اذ ستشهد الأيام الفاصلة عن الاحتفال ببدء عملها، تأييداً دولياً وعربياً لدورها وللالتزام بوضع حد لظاهرة الافلات من العقاب في لبنان وعدم المساومة عليها. كما ان تجدد الالتزام الدولي باستكمال تمويلها، قد تجسد من خلال اللقاء الدولي ـ العربي الذي نظمته الأمم المتحدة وحضرت الدول المساهمة في تمويلها في نيويورك قبل أيام. وتم التشديد على استكمال التمويل للسنتين الثانية، والثالثة، وان التعهدات الخطية ستتحول الى مخصصات واقعية في وقت قريب.
وقد لا يكون جميع القضاة الدوليين واللبنانيين في مقر المحكمة الذي سيعملون فيه، انما في بادئ الأمر سيجتمعون لانهاء وضع أصول المحاكمات التي ستتبعها المحكمة، بعدما شاركوا سابقاً عبر لقاءات واتصالات، ومؤتمرات فيديو، في وضع أسس لذلك. وانجاز ذلك لم يعد بعيداً، كما ان حضور القضاة بشكل نهائي في المحكمة مرتبط ببدء المحاكمة، وخصوصاً ان موازنة المحكمة محدودة، وهناك تجنب لمصاريف كبيرة ان لم يكن للأمر دواع، مع الاشارة، الى أن المحكمة ستستكمل التحقيق في بداية عملها، وفي اطار الادعاء العام، ولدى الانتهاء من التأكد من الأدلة الكاملة ستتحول الى المحاكمة.
وتفيد أوساط ديبلوماسية بارزة، ان التقرير حول الـ1757، سيسجل الانتهاء من كافة التحضيرات لانشاء المحكمة، أي ان المحكمة أنشئت، وباتت جاهزة لتولي مهمتها في الأول من آذار. كما سيعدد التقرير المسائل التقنية المنجزة لتشغيلها. وأبرزها موقع مقر المحكمة والمبنى الخاص بها، واختيار رئيس مكتب الدفاع، ومسجل المحكمة، فضلاً عن تعيين المدعي العام والقضاة، الذين سيصيغون لاحقاً كافة القواعد الاجرائية وقواعد الاثبات وسائر الوثائق القانونية اللازمة، وسيتناول التقرير، التوظيفات في المحكمة واكتمالها، والموازنة واعدادها، وما آل اليه التمويل لصندوقها حتى الآن، فضلاً عن التدابير الأمنية لكفالة أمن المسؤولين الكبار في المحكمة والموظفين. وقد طبقت التدابير الأمنية المتصلة بأماكن العمل. وسيشرح التقرير ما أنجزته الأمم المتحدة في مجال الاستراتيجية الشاملة للتعريف بالمحكمة، والصحيفة الخاصة بوقائع المحكمة وتنظيمها باللغات العربية والفرنسية والانكليزية. وبنهاية هذا الشهر تكون المرحلة الانتقالية من أنشطة لجنة التحقيق الى أنشطة المدعي العام قد انتهت، لتبدأ مرحلة المحكمة. كما سيؤكد التقرير انتهاء كافة الترتيبات العملية لوصول بيلمار الى لاهاي قبل الأول من آذار. وهو قام أمس بزياراته الوداعية للمسؤولين اللبنانيين.
وتؤكد الأوساط، أهمية فصل موضوع المحكمة عن الأوضاع اللبنانية. الأمر الذي يزيد من صدقيتها، ومن مرجعية المعايير القانونية التي تتبع في عملها، والابتعاد عن التسييس، والتشدد على انها جهاز قضائي مستقل. ومن المرتقب ان تتم معالجة أي قرار تتخذه المحكمة اذا ما كانت له تداعيات سياسية في التوقيت الملائم، بحيث يكون التعامل معه في حينه.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.