مع تجديد الالتزام بثورة الأرز، وثوابت السيادة والاستقلال، اليوم، في الذكرى الرابعة لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، تتجه الأنظار الى العدالة في هذه الجريمة، من خلال ما تعنيه انطلاقة العمل الفعلي للمحكمة ذات الطابع الدولي الخاصة بها، وبالجرائم الأخرى ذات الصلة.
وبنقل كل الملفات التي في حوزة لجنة التحقيق الدولية المستقلة في الجريمة من لبنان الى لاهاي، تكون المحكمة قد تسلمت جزءاً مهماً وأساسياً من العناصر التي لها علاقة بالجريمة، في حين أن الجزء الآخر، سيسلم الى المحكمة لدى موافقة لبنان على الطلب الذي سيتقدم به المدعي العام في المحكمة دانيال بيلمار اثر تسلمه مهمته، وأهم هذه العناصر الموقوفون في جريمة الاغتيال. وكانت المشاورات اللبنانية خلال الأيام الماضية متفقة على السير بالمسار القضائي للتسليم، عملاً بموجب الاتفاقية المعقودة بين لبنان والأمم المتحدة قبيل بدء التحقيق، إذ أن القضاء اللبناني وعلى رأسه المدعي العام التمييزي يتولى مهمة الموافقة على التسليم، ولن يكون لمجلس الوزراء أي علاقة مباشرة بهذا المسار القضائي.
وتؤكد مصادر ديبلوماسية بارزة، أن ليس من فريق لبناني داخلي يمكنه أن يتحمل تبعات أي موقف سلبي من عملية التسليم هذه، خصوصاً وأنه من السهل جداً أمام المجتمع الدولي في مثل هذا الاحتمال، أن يلجأ الى مجلس الأمن، لأن لبنان هو مسرح الجريمة وموقعها. كما أن أي فريق لن يتمكن من تحمل تبعات رفض التعاون مع الأمم المتحدة والمحكمة، لا سيما لدى بداية عملها، إذ أن لبنان هو أول دولة مطلوب منها التعاون. ولا بد من الإشارة الى أن تشكيلة مجلس الأمن الحالية، حققت حداً كبيراً من التفاهم والانسجام السياسي، وسيكون سهلاً اتخاذ أي موقف من جانب المجلس.
إذاً، لا يتوقع حصول تجاذبات داخلية حول تسليم الموقوفين وابتداء من الأول من آذار المقبل، لن يكون للبنان أي علاقة بعناصر التحقيق ومضامينه، وقد حضر الى بيروت قبل 12 يوماً وفد رفيع من المسؤولين المعيّنين في المحكمة ومن الأمم المتحدة، لتأمين المساعدة في عملية الانتقال من اللجنة الى المحكمة، ومن مرحلة التحقيق المشترك بين اللجنة والسلطات القضائية اللبنانية، الى التحقيق في ظل الإدعاء العام في المحكمة وإطاره. كما جرى التفاهم حول التنسيق مع لبنان لاستكمال مسار التحقيق والمحاكمة.
وفي الوقت الذي غادرت أعداد من فريق اللجنة الى لاهاي، رصد مكتب بيروت للمحكمة 100 شخص بين محقق وتقني ومسؤول.
وبحسب المعطيات تتجه المحكمة الى عدم توقيف المتهمين والمشتبه بتورطهم لوقت طويل، فهي ستوجه الاتهام الذي سيكون منفصلاً، وقد لا يكون شاملاً في الوقت نفسه لكل المتهمين، وإذا ثبت من خلال المحاكمة والأدلة الموجودة لدى المحكمة، أن هناك تورطاً، يتم احتجاز المتورطين، وإذا ثبت أن لا أدلة حول تورطهم يتم إخلاء سبيلهم. ولا تستبعد المعطيات أن تبدأ المحكمة عند بدء المحاكمة، بمحاكمة متهمين لكن ليس من الصف الأول، بل أن تكون عملية المحاكمة تصاعدية من الأقل درجة من المنفذين صعوداً الى المتورطين بالأمر والمخططين. وليس بالضرورة أن تضع المحكمة كل المتهمين والمشتبه بتورطهم في قرار اتهامي واحد. وكل ما تظهره المحاكمة صعوداً أو أفقياً سيتم طلبه للتحقيق، وهذا ما قامت به محكمة يوغوسلافيا الى الدرجة التي وصلت فيها الى الأعلى، بعد تكبد الأكلاف المالية على المحاكمة. وتبعاً لذلك، يجب عدم توقع أن يتضمن أول قرار اتهامي كل شيء حول الجريمة، بل أن تصدر قرارات اتهامية متتالية.
وفي مقارنة مع المحاكم الدولية الأخرى، من حيث الفترة الزمنية لإنشاء المحكمة في جريمة اغتيال الحريري، فإن أياً من المحاكم لم تنشأ بوقت أقل أو أسرع من ذلك.
وتبذل الأمم المتحدة جهداً خاصاً مجدداً لاستجماع التمويل الكامل لعمل المحكمة. وهي دعت الى اجتماع لهذه الغاية قبل نهاية هذا الشهر في نيويورك للدول المساهمة. يُذكر أنه تم تسديد كامل المبلغ لتسيير عمل المحكمة في سنتها الأولى، وقسم كبير للسنة الثانية، ويجب استكمال الباقي.
وهناك تعهدات خطية للسنة الثالثة، يجب العمل دولياً لتسديد مبالغها.
وفي الأسبوعين المقبلين الفاصلين عن بدء عمل المحكمة، ستكون كل الترتيبات قد اكتملت من كل النواحي التقنية والإدارية والعنصر البشري وتوفير أمن مبنى المحكمة.
إلا أن موضوع أمن الشهود قضية أخرى، سيتم العمل لاستكمال إجراءاتها لاحقاً قانونياً وسياسياً ولوجستياً. وهي تحتاج الى وقت لأنها لا تدخل في خانة التحضيرات لبدء المحكمة بل تأتي في سياق المحاكمة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.