تقر أوساط ديبلوماسية غربية بارزة بأن موضوع غزة وصل الى حالة ما يشبه ستاتيكو، فان لم يحصل اختراق سياسي في اتجاه الحل، فان الحصار الإسرائيلي سيظل قائماً، وكذلك إطلاق الصواريخ على إسرائيل، الأمر الذي يجمد مفاعيل القرار 1860، الذي يرتبط تطبيقه بمدى تقدم المبادرة المصرية والمساعي التي يقوم بها أكثر من طرف عربي ودولي ولا سيما الموفد الرئاسي الأميركي للشرق الأوسط جورج ميتشل.
لذلك، فان تأخر تنفيذ القرار 1860، بات محور قلق دولي عام، وخصوصاً انه وضع الأسس للحل، الذي ارتبط بمدى قبول الطرفين حماس وإسرائيل به، وسط رفع السقوف من جانب كلا الطرفين بالشكل الذي يرغب معه كل فريق في إلغاء الآخر ويساعد في ذلك، تعذر قيام المصالحة الفلسطينية الداخلية، ولا سيما انه من الصعب قيام دولة برأسين، وان رهان حماس على تقطيع الوقت لاعتبارها ان الرئيس محمود عباس بحكم المنتهية ولايته، يزيد الأمور تعقيداً، فضلاً عن العراقل التي يوجدهاا هذا الوضع بالنسبة الى مرجعية إجراء الإنتخابات الفلسطينية.
وتفيد الأوساط أن الحصار الإسرائيلي لن يُرفع إلا بعد وجود المراقبين الدوليين، وايجاد هدنة طويلة المدى، ووقف تهريب السلاح، أي ان رفع الحصار بات مشروطاً بتطبيق بنود القرار1860 كاملة، وتبعاً لهذه المعطيات فان الحصار سيتواصل.
وما يعزز فرص هذا الستاتيكو في الوقت الحاضر، هو اتجاه واشنطن الى التعامل معه كواقع نظراً الى عدم السهولة التي وجدها ميتشل في إرساء الحل تنفيذاً للقرار 1860، على الرغم من ان لدى الرئيس الأميركي باراك أوباما، استناداً الى الأوساط، إصرارا على ايجاد حل لموضوع غزة سريعا. إلا ان استمرار العقبات في وجه المساعي، لن يعجل في هذا الحل، الى ان برزت علامات استفهام، حول مدى جهوزية الإدارة الأميركية للسير في أي توصيات، رفعها ميتشل اليها، في الساعات الماضية، حول مسألة غزة. وستكون هذه التوصيات مدار بحث في اللقاء المرتقب اليوم بين وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ونظيرها الفرنسي برنار كوشنير.
وإذا كان متعذراً لدى واشنطن الفصل بين خطة العمل السريعة وما يمكن فعله حيال غزة، وانتظار خطة العمل الموسعة لدى الإدارة حول الشرق الأوسط، ومع مواكبة ظروف واستعدادات كل من حماس وإسرائيل الراهنة للحل، فان الإدارة تفضل، ان يعود ميتشل نهاية الشهر الجاري الى المنطقة لاستكمال مساعيه ولخلق أجواء تهدئة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي تحقق نوعاً من الاستقرار المعقول للوضع فيما بينهما، ويمنع حصول هجمات كبيرة، الأمر الذي يساعد في المناخ الدولي الذي يفترض أن يواكب خطة الولايات المتحدة الاقتصادية، التي ستطرحها قريباً لحل الأزمة المالية العالمية. ولا تريد واشنطن أي حوادث في المنطقة والعالم من شأنها عرقلة تنفيذ الخطة أو التشويش عليها، وخصوصاً أنها تعتبر أولوية لدى الإدارة الجديدة. وفي هذه المرحلة خصوصا، تتجنب واشنطن حصول انزلاقات أمنية أو عسكرية في وضع أي منطقة، لكيلا تضطرها الى التدخل إبان طرح خطتها، وتكريس اهتمام لرد خطر أي انزلاقات.
كما تحرص واشنطن على التنبه الى خطر تعمد بعض الجهات خلق مشكلات أو أزمات في المنطقة في مرحلة الاستعداد لطرحها الخطة. لذلك، من أبرز الأهداف وراء بعض العناصر الانفتاحية الدولية ـ الإقليمية، التي تترك المجال واشنطن لقيامها، هو كسب مزيد من الوقت إذ إن من شأنه إضفاء نوع من التهدئة الواعدة لتفويت ظروف إمكان نشوء أي خلافات في المنطقة، الأمر الذي يؤدي الى استجماع جهود الدول المحورية الحليفة من جهة، في أي سياسة جديدة ستتبع، وسحب البساط تدريجياً من تحت أرجل أي دولة تشكل عنصر عرقلة وتوتر، من جهة أخرى.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.