لدى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون توجه، بأن يكتفي عند البدء الفعلي بعمل المحكمة ذات الطابع الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في الاول من آذار المقبل، بما كان قد أبلغه الى مجلس الأمن الدولي في كانون الاول الماضي، بحيث تأتي هذه الخطوة المفصلية في مسار العدالة في الجريمة تلقائية وحتمية، وتتوج أيضاً انتهاء ولاية لجنة التحقيق الدولية المستقلة في الجريمة آخر شباط الحالي كما حدد ذلك القرار 1852.
وما سيساهم في الانتقال التلقائي المرن والهادئ من اللجنة الى المحكمة، تفضيل رئيس اللجنة دانيال بيلمار عدم إصدار تقرير مع انتهاء ولاية اللجنة. فالقرار 1852 لم يطلب ذلك، كما انّ، بدء عمل المحكمة لن يكون بدءاً للمحاكمة، بل ان التحقيق سيستكمل في إطار المحكمة والادعاء العام. ولدى صدور القرار الاتهامي تبدأ المحاكمة.
ويعني انتهاء عمل اللجنة انتهاء مرحلة الانتقال منها الى المحكمة، وذلك في وقت لا يزال التحضير جارياً لمكتب بيروت للمحكمة، واستكمال التعيينات الإدارية فيها، وانتقال طاقم المحكمة وملفات التحقيق الى هولندا مقرها الأساسي، والحماية الأمنية لها ولكل ما يرتبط بها.
كما ان انتهاء عملها، استناداً الى مصادر ديبلوماسية بارزة، لا ينهي دور مجلس الأمن والفصل السابع تحديداً، في مرجعية التحقيق والمحاكمة. فالمحكمة تابعة لمجلس الأمن وهو الذي أنشأها، ويبقى هو مرجعيتها، بحيث ان مفاعيل هذه المرجعية لا تنسحب فقط على قرار إنشاء المحكمة أي الـ1757، بل تتعداه الى ما انتجه هذا القرار وحتى صدور الأحكام، وتنفيذها وتحقيق العدالة. وبانتهاء مهمة اللجنة التي انشئت وعملت في إطار الادعاء العام، سيكون التحقيق مشمولاً بمرجعية المحكمة والجهة التي أنشأتها.
وتبعاً لذلك، فإن المحكمة تملك في حال عدم تسليم المتهمين قدرة من جانبها على المحاكمة غيابياً، كما انه يمكن لها العودة الى مجلس الأمن واللجوء الى إجراءاته في طلب التعاون، مع أحكامها وقراراتها، والمحاكم الدولية السابقة كلها لم تضطر يوماً الى الوصول الى مرحلة اللجوء الى مجلس الأمن، لما تشكله أحكامها ومقرراتها من ضغوط دولية معنوية، تحرك المجتمع الدولي في حال لم تتجاوب الدول أو الجهات المعنية معها. ومحكمة سيراليون القريبة من محكمة لبنان لم تصل الى حد اللجوء الى مجلس الأمن. والضغوط النفسية والمعنوية التي تنتج عن اتهامات المحكمة أو أحكامها، في حد ذاتها، توفر الدينامية الكافية لتحريك المجلس ودوره للنظر في الموضوع، وتحديد الخيارات أمامه في طبيعة العقوبات التي ستفرض، وما إذا كانت ستطال الأشخاص المتهمين أم الجهات الرسمية التي لم تسلمهم الى المحاكمة.
ولاحظت المصادر، ان أربع شخصيات قضائية دولية توالت على التحقيق في الجريمة ولم يتم تعديل في النتائج التي توصل اليها. وهؤلاء هم على التوالي رئيس لجنة تقصي الحقائق بيتر فيتزجيرالد، وثلاثة رؤساء للجنة التحقيق: ديتليف ميليس، وسيرج براميرتس، ودانيال بيلمار، الذي سيصبح مدعياً عاماً بعد أقل من شهر. كما لاحظت ان أي جهة لا تمتلك القدرة على التدخل في التحقيق ومعطياته، أو إعطاء ضمانات بهذا التدخل.
ولا شك ان مرحلة أساسية قد قطعها التحقيق ومعطياته، ستستكمل في الجزء الأول من مسار العدالة، المسار الذي ينقسم الى ثلاثة: التحقيق والمحاكمة والأحكام.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.