8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

إدارة أوباما تجري تقويماً في ضوء استطلاع ميتشل وتحديد تفاصيل الخيارات يلزمه وقت

تهدف الجولة التي يقوم بها الموفد الرئاسي الأميركي لشؤون الشرق الأوسط جورج ميتشل حالياً على دول المنطقة، الى استطلاع آراء قادتها بالنسبة الى القضايا المطروحة فيها وما يتصل باستئناف عملية السلام، ذلك أن خطاب القسم الذي أدلى به الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما، وضع التوجهات العامة للسياسة لا سيما الخارجية، التي تهم لبنان ودول المنطقة، وتبعه كلمته الأولى الأسبوعية حيث تضمنت تفسيراً أوسع لخطابه. إنما إيفاد ميتشل الى المنطقة فور تعيينه يحمل بعداً خاصاً في الاهتمام المباشر.
وتفيد مصادر ديبلوماسية غربية، أن الجولة الاستطلاعية لميتشل، ستساعد الإدارة في تحديد تفاصيل سياستها وتحركها إزاء مسائل المنطقة، كما ستحدد مكامن النقص ومواقع عدم النجاح السابق، ومواقع إمكانات حصول اختراقات سياسية في حال القيام بجهد ديبلوماسي حيال العلاقات العربية ـ الإسرائيلية، في ضوء التعرف الى استعدادات كل الفرقاء المعنيين بالسلام، والدول المحورية، والأخرى التي تؤدي أدواراً وسيطة في هذا الإطار. ولدى عودة ميتشل الى واشنطن، سيضع تقريراً للرئاسة، يتم على أساسه إجراء تقويم للوضع بشكل شامل، وسط خيارات عديدة مطروحة في سياق السياسات التي ستتبع مع المنطقة، وملفاتها التي لا تقتصر على السلام فقط، إنما هناك الملف النووي الإيراني، والعلاقات مع الدول الإقليمية مثل إيران وسوريا، ومستقبل الوضع العراقي وتأثير الانسحاب المقرر على السياسة الأميركية. فضلاً عن رؤية السبل الفضلى لتنفيذ الثوابت الأميركية والتي رسمت على أيام الرئيس السابق جورج بوش، والأسلوب الذي سيكون متمايزاً، لكنه سيوصل الى النتائج نفسها، مع الإشارة الى أن أوباما لم يتحدث في كلماته عن تغيير أو تعديل في جوهر الثوابت، بل ازداد تمسكاً بها.
وفي ظل التقييم الأميركي المرتقب، ستحسم خيارات متعلقة بدفع المسارات السلمية، وما إذا ستحظى كلها بالأولوية أم سينطلق مسار قبل آخر. وما إذا كان وضع غزة سيلزم البدء بالمسار الفلسطيني ـ الإسرائيلي أولاً.
وكذلك ستحدد الإدارة ما إذا ستطلق السلام الشامل، وتتفاوض مع إيران في الوقت نفسه حول برنامج النووي، وحول العلاقات الأميركية ـ الإيرانية، أم لا. كما ستحدد ما إذا ستدخل عملية تفاوض مع إيران بعد استصدار قرار عن مجلس الأمن حول مزيد من العقوبات أم من دون اللجوء الى التهديد بالقوة قبل الحوار. ثم هناك العلاقات السورية ـ الأميركية وملفات أخرى، ساخنة في المنطقة يجب تحديد مسارات التعامل معها، وتأثير الملفات على بعضها. وهذا ما يستلزم من الإدارة الأميركية وقتاً لبلورة اتجاهات سياستها وتفاصيلها. ولن يتم ذلك، بسرعة الاندفاع التي تم فيها إيفاد ميتشل الى المنطقة، ويتوقف ذلك على عوامل عدة أبرزها:
ـ مستوى الضغوط التي ستمارسها واشنطن على إسرائيل للسير في العملية السلمية، وتل أبيب تستهيب أوباما، وأوقفت عدوانها على غزة قبل تسلمه الحكم. إلا أن الجالية اليهودية لعبت دوراً في فوز أوباما، فكيف يمكن رسم الخطوط التي تحفظ قدرة التأثير الأميركي على إسرائيل وبقاء واشنطن ضابط الإيقاع الإسرائيلي في المنطقة. ثم الانتخابات الإسرائيلية في شباط المقبل، بحيث أن فوز التشدد يختلف عن فوز الأقل تشدداً.
ـ هناك الانتخابات الإيرانية وما ستنتجه من فوز للاعتدال أو التشدّد، وكل منحى يفرض من واشنطن تعاملاً مختلفاً. الأمر الذي لا يساهم في بلورة السياسة الأميركية قبل الصيف المقبل لما للملف الإيراني من تأثير على تطور الموقف في العلاقات الأميركية ـ الإيرانية، ومواقع عدة في المنطقة تنعكس عليها السياسة الإيرانية.
ـ إن الوقت مطلوب، من أجل تعميق سياسة بناء الثقة بين الإدارة الجديدة ودول المنطقة، لا سيما أولئك الذين ينتظرون الحوار مع أوباما أي إيران وسوريا، وهناك مراحل من الاختبارات ستجرى، وكذلك الوفاء بالالتزامات. كل ذلك سيستغرق أشهراً، ستكون إدارة أوباما في هذا الوقت شارفت على رسم سياستها وبلورتها، بتعاون وثيق بين البيت الأبيض والأمن القومي ووزارة الخارجية التي ستقوم بتعيين المسؤولين وتشكيل إدارتها، برئاسة هيلاري كلينتون، ولتنفيذ سياسة الرئيس.
وسيعود ميتشل الى المنطقة مراراً. وهو حظي بترحيب من دول المنطقة بعد تعيينه في مهمته، نظراً للخبرات التي يمتلكها في العمل الديبلوماسي، إن بين الفلسطينيين وإسرائيل مطلع الألفية الثانية، أو من خلال دوره في الصلح في إيرلندا. ويحمل تعيينه وهو من الحزب الجمهوري رسالة واضحة، حول أن مسألة الشرق الأوسط والخيارات الخارجية للإدارة أمر متعلق بالحزبين معاً، وأن لا تناقض بينهما في الموقف في السياسة الخارجية. ويبقى الرأي الذي سيقدمه لإدارته وتوصياته نتيجة استطلاعاته، وأسلوب مقاربة الإدارة لذلك.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00