تبدي جهات خارجية اهتماماً خاصاً، بمتابعة ما سيتميز به أداء حزب الله على المستوى الداخلي في لبنان، في ضوء إنعكاسات نتائج العدوان الإسرائيلي على غزة والسعي الى إعادة رسم التوازنات في المنطقة، وإعادة التموضع للقوى فيها، وعلى الرغم من ان إسرائيل أخفقت عسكرياً أمام حماس والفلسطينيين، إلا انها تمكنت من تسجيل مكاسب في السياسة والديبلوماسية، بدأت تستخدمها لتوسيع الخطوات في تطويق أحد أبرز الأوراق الإيرانية على الساحة الفلسطينية والعربية.
وإنطلاقاً من هذا الواقع، ومن الانتظار الإيراني لبلورة السياسة الأميركية الحوارية الجديدة معها، والتي ستكون، استناداً الى مصادر ديبلوماسية بارزة، على أساس لا لإيران نووية، هناك مجموعة مواقف يرتقب ان يعتمدها الحزب حيال الداخل، تقوم على منحى التهدئة. وسيتجلى الأمر تباعاً، في التوصل الى تفاهمات سياسية، لا سيما مع قوى في الرابع عشر من آذار، من شأنها تفادي الإشكالات على كل الأصعدة، وستنعكس تحصيناً للوضع اللبناني من جهة، وحماية ذاتية للحزب، عبر خلق منطق وسطي يجمعه بهذه القوى، ويقرب المواقف معها من جهة اخرى، وذلك من خلال التركيز على النقاط المشتركة التي تجمع بينهم وطنياً، وان كان من غير السهل ان يتخلى كل فريق عن ثوابته وقناعاته. لكن تحفيزهم بحسب المصادر، من جانب الحزب، على الوسطية، ينعكس ايجاباً على ردود الفعل حول موقعه في الداخل، ويخفف من التشنج ضده.
وبالتزامن مع اهتمام الجهات الخارجية بتطور العلاقات الداخلية للحزب، ولمواقف كل الأفرقاء من الحوار حول مصير سلاحه، يرتقب ان يواصل تقوية مواقعه الانتخابية، والسعي الى التأثير على مضامين البيان الوزاري للحكومة التي ستنبثق عن الانتخابات النيابية في حزيران، وان يستمر في جهوزيته سياسياً وعسكرياً وأمنياً.
وعلى صعيد الخارج، سيراقب الحزب طريقة صناعة دمشق لأهدافها الحيوية في مرحلة ما بعد تداعيات العدوان على غزة، وربما شكلت هذه التداعيات أحد الأسباب التي لعبت دوراً في تجاوبها مع رغبة المصالحة عربياً.
كما سيستمر في التسويق الإعلامي لسقوط التسوية السلمية في الشرق الأوسط، ولانتصار غزة وحماس في عدم قدرة إسرائيل على تحقيق أهداف عدوانها، والتفاعل مع تركيز إيران على المجموعات الممانعة ضمن الدول العربية. فضلاً عن عدم الابتعاد عن دمشق، لا سيما وانها لم تربط تفاوضها مع إسرائيل بالحزب ومستقبله.
وتفيد المصادر ان قرار المقاومة في غزة لم يكسر، انما الاتفاق الأمني بين إسرائيل والولايات المتحدة، وملحقه السري، والتنسيق الجاري بين إسرائيل ودول الناتو حول منع تهريب السلاح الى غزة، ودعوة إسرائيل دولاً مجاورة الى ترتيبات في هذا الإطار وإمكان تطوير التنسيق الإسرائيلي ـ الدولي الى ايجاد قاعدة عسكرية غربية قبالة غزة وتشريعها، مع ما يعني ذلك، من تنسيق أمني واستخباراتي وغيره. ما يؤدي الى نقل الموقف الأمني في غزة من المسؤولية العسكرية الإسرائيلية فقط، ووضعه أمام المسؤولية الدولية، وتسخير الأجهزة العالمية لمراقبة تحركات إيران من الخليج الى المتوسط، بعد تطويق نشاطها، والسعي الى إبقائه محصوراً داخل إيران. وبعد ذلك، تحميل مسؤولية أي عمل أمني ضد إسرائيل ضمن غزة، وأي تهريب للسلاح اليها إذا ما ضٌبط للمجتمع الدولي، وإعتبار الأمر خرقاً لوقف النار، يقتضي الرد عليه بالشكل الذي وعدت به إسرائيل لدى إعلانها عن وقف النار من جانب واحد.
وهذا يرسل رسالة مفادها، ان كل هذه الإجراءات لإبعاد النشاط الإيراني عن غزة، ساهم في تطويق إيران وعزلها، من دون توجيه أي ضربة عسكرية اليها مباشرة والى أراضيها، وبالتزامن مع الزام العالم وتوريطه في عملية مراقبة عملها في نقل الاسلحة الى محيط إسرائيل.
وهناك علامات استفهام كبيرة، تتناول ردة الفعل الإيرانية لاحقاً، هل ستقبل بهذه النتائج أو انها ستعمد الى خلط الأوراق والى السعي لتغيير المعادلة لمصلحتها؟ وما هي الأساليب التي ستتبعها، ومن خلال أي مواقع؟ وهل سيتأثر لبنان بأي منحى من هذا النوع، بعد تمرير فترة الانتخابات النيابية والتهدئة؟ وكيف سيكون الدور السوري في هذا المنحى، خصوصاً إذا ما كان انطلق مؤتمر السلام الشامل في المنطقة والتفاوض السوري ـ الإسرائيلي المباشر حول السلام؟ وما موقف روسيا من العمق الأمني الاضافي لدول الناتو وتداعياته؟
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.