يجمع العديد من المعطيات الديبلوماسية الواردة الى بيروت، على أن من الضروري إعطاء مزيد من الوقت لمعرفة ما إذا كانت المصالحات العربية التي تمت على هامش أعمال قمة الكويت، ستؤدي فعلاً الى تغيير جوهري في بعض السلوكيات السياسية والأداء، يمكن أن يُثمر في خدمة وحدة الموقف العربي إزاء كل القضايا الشائكة، مع أهمية ما أنجز، والرغبة التي تقف وراءه في عدم ترك الأمور العربية تصل الى النقطة الخطرة.
وتتوقف هذه المعطيات عند جملة عناصر متصلة بمفاعيل المصالحات. أولها، التمكن من تحقيق حد أدنى من الوفاق، تأمل معه الدول صاحبة المبادرة التصالحية في أن يصبح حداً كبيراً. وسينكشف مداه الفعلي مع استحقاقات المرحلة المقبلة، إن على مستوى تشكيل الحكومة الفلسطينية الإئتلافية، والمسعى العربي للمصالحة الفلسطينية الداخلية ونجاحه، ومن خلال نتائج أعمال المؤتمر الدولي والعربي لإعمار غزة، الذي سينعقد في نهاية شباط، ثم من خلال إعادة توحيد الموقف العربي في مؤتمر موسكو للسلام الشامل في الشرق الأوسط، والذي يتم الاعداد لعقده في الربع الثاني من هذه السنة بمشاركة كل الأطراف المعنية بالعملية السلمية.
والمقومات الأساسية للمؤتمر هي الجدية الأميركية لإرساء الحل في المنطقة، والتضامن العربي ووحدة الموقف الفلسطيني.
أما العنصر الثاني اللافت، فهو أن المصالحة نأت بلبنان بعيداً عن التجاذب الذي كانت بدأت ملامحه تظهر، من خلال الحملة على رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان. وبالتالي ستتم لملمة الموقف بشكل يفوت على لبنان المشكلات الداخلية، ويُبقي الوضع على مستوى معقول من التهدئة والتفاهم.
ويتصل العنصر الثالث بما إذا حققت دمشق فعلاً انفتاحاً عربياً على الدول المحورية أم أن الأمر لم يصل بعد الى الانفتاح بالمعنى السياسي للكلمة. وتشير المعطيات، الى أن الأمر يوصف بأنه بداية اتصال، وليس تسليماً لها بالأوراق التي تريدها في المنطقة. وفي الوقت نفسه، وضعت المصالحة الكرة في الملعب السوري، بحيث أن الخيارات السياسية ستكون تحت المجهر العربي بعد المصالحة، فإما هناك منحى للاعتدال، أو الاستمرار في التحليق مع الحليف الإيراني. ومن الواضح، من خلال الخلاف العربي على البيان الختامي للقمة، ومن بعض المواقف التي اتخذتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ورفضها لوقف النار وغير ذلك، ان دمشق تنتظر ما سيظهر من سياسة الرئيس الأميركي باراك أوباما، قبل أن تغوص في تفاهمات جدية في المنطقة. على أن المساهمة في بعض فرص التهدئة ولو شكلياً ليس مشكلة أمامها.
والعنصر الرابع هو إيران، التي تنتظر بدورها سياسة أوباما وتوجهاته التفصيلية التي لم يتناولها خطاب القسم. الآن، لا يزال يهمها التهدئة في مرحلة الانتظار، على أساس أن لديها الوقت الكافي أمام خيارات الخربطة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.