مع بدء المرحلة الانتقالية من أنشطة لجنة التحقيق الدولية المستقلة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري الى المحكمة في الأول من كانون الثاني المقبل، تتجه الأنظار الى المعنى الذي يحمله استمرار التحقيق في اطار الادعاء العام، بحيث ان عمل المحكمة الفعلي في الأول من آذار لا يُفسّر بأنه حكماً انتهاء للتحقيق، وانطلاق المحاكمة.
وتؤكد مصادر ديبلوماسية في الأمم المتحدة، ان المحور الأساسي في استمرارية هذه العملية، هو موقف رئيس لجنة التحقيق دانيال بيلمار أمام مجلس الأمن الأسبوع الماضي حول انه لا يمكن الاعلان منذ الآن عن المدة التي سيستغرقها التحقيق في اطار المحكمة، الأمر الذي يعود للأسباب التالية:
ـ ان التقدم الجوهري الذي أحرزه التحقيق سيتم العمل لاستكماله من أجل تثبيت السيناريو الذي اعتمد لارتكاب الجريمة، بأدلة اضافية ملموسة، تجعل الملف مكتملاً ومتكاملاً يصعب فيه على أي مرجع معني، نقضه أو إزالة الأدلة الموجودة. الأمر الذي يسهل وصول المحاكمة الى ادانات واضحة لأن أي متهم يبقى بريئاً حتى تثبت ادانته. وبالتالي، ما يهم بيلمار هو مواصلة التحقيق مساره للخروج بنتائج صلبة وقوية، وهو لن يعمل تحت ضغوط زمنية أو أخرى متصلة بإمكان اتهام التحقيق اذا ما استغرق وقتاً اضافياً بالتباطؤ، فالتحقيق يسير وفق المنحى القانوني المطلوب، وعندما تبدأ المحكمة مهمتها كمؤسسة، سيكون التحقيق أكثر انغماساً في المنحى القانوني والقضائي. وستكون للمحكمة مهمة التعامل مع المتهمين بالشكل الذي ينص عليه نظامها، وما تتضمنه القواعد الاجرائية وقواعد الاثبات وكافة مرجعياتها القانونية. كما ستتولى صلاحية العقوبات وتحديد مساراتها بالنسبة الى المتهمين، وما يتصل ايضاً بالشهود. كما أنها ستقوم اذا ما اقتضى الأمر، بالتواصل مع مجلس الأمن الدولي في كل الحالات والمراحل التي تراها لازمة. وهذا ما سيتم لدى حصول عدم تعاون، في تسليم المتهمين، أو من تتم ادانته ولو بحكم غيابي.
ـ ان فترة التنسيق الانتقالية، وهي ذاتها المدة التي تم التجديد لولاية اللجنة أي شهرين، ستهيئ الظروف التي تمكن بيلمار من الحفاظ على قوة الدفع التي تسير بها التحقيقات من توليه منصبه المرتقب مدعياً عاماً في المحكمة. ومن غير المستبعد، أن يأخذ بيلمار وقته الكافي، ليس فقط لتثبيت السيناريو في جريمة اغتيال الحريري، انما أيضاً من أجل الربط الكامل في الأدلة بين الجريمة والجرائم الارهابية الأخرى التي تحقق فيها اللجنة والمحكمة لاحقاً. بحيث، يسهل أمام المحاكمة النظر فيها كلها، من خلال استكمال نظام تثبيت الربط في ما بينها. والتحقيق أحرز تقدماً في هذا الربط يلزم إكمال ملفه.
وعلى أي حال، تشير المصادر، الى أن أي تقدم في التحقيق من شأنه تزخيم القرار الاتهامي الذي سيصدر نتيجة له، وجعله أكثر اقناعاً لدى طرحه أمام المحاكمة والقضاة. واذا ما قورنت مدة التحقيق بقضايا مماثلة في العالم، فيمكن القول ان مسار التحقيق في اغتيال الحريري والجرائم الأخرى ذات الصلة تمّ بصورة أسرع من غيره، مع الاشارة الى الأسلوب المختلف الذي اتبعه كلاً من بيلمار وسيرج براميرتس، عن سلفهما ديتلف ميليس.
وتركز الأمم المتحدة في هذه الأثناء، على استكمال التمويل لصندوق المحكمة. وقد أرسلت قبل أيام رسائل الى الدول تطلب فيها مواصلة التسديد لما تبقى من مخصصات لازمة لعمل السنة الثانية للمحكمة، وكذلك للسنة الثالثة، بعدما حصلت الأمم المتحدة على التمويل المطلوب للسنة الأولى.
كما تقوم المنظمة الدولية بإجراء تعيينات في مناصب داخل المحكمة، لا سيما قلم المحكمة، والموظفين الاساسيين فيها. وهذا يشكل احدى الخطوات العملية استعداداً لوصول بيلمار الى لاهاي وتسلم منصبه.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.