مع استبعاد ان تحقق جلسة الحوار الوطني الثالثة الاثنين المقبل، تقدماً جوهرياً في المواضيع المطروحة لا سيما الإستراتيجية الدفاعية، وترجيح التآم جلستين اخريين له فقط قبل الإنتخابات النيابية في الربيع، وقبل بلورة الإدارة الأميركية الجديدة لسياستها الخارجية، تتجه الأنظار الى إنعكاسات المرحلة الانتقالية لهذه الإدارة على الوضع اللبناني.
وتفيد مصادر ديبلوماسية غربية بارزة، ان جهوداً أميركية تبذل حالياً، واستعداداً للسياسة الجديدة، لتعزيز فرص التهدئة في لبنان وإزالة أو تخفيف وطأة الملفات التي يمكن ان تشكل أي فتيل يؤدي الى انفجار ما للوضع الداخلي. وذلك بالتزامن مع بدء ترقب الإستعدادات اللبنانية للإنتخابات النيابية، وإبلاغ إشارات الحفاظ على الثوابت اللبنانية على مستوى التعامل الدولي مع الموضوع اللبناني. وقد دفعت زيارة نائب مساعد وزيرة الخارجية الأميركية ديفيد هيل لبيروت في هذا الاتجاه.
فضلاً عن هذه النقطة، توقفت المصادر عند عناصر يجري التركيز عليها في الأداء الأميركي وهي:
العودة الى منحى اللجوء الى مجلس الأمن والأمم المتحدة، واستخدام دورهما في بلورة بعض الاهتمامات السياسية خصوصاً في المنطقة وبالنسبة الى السلام في الشرق الأوسط، لإظهار رسائل متصلة بالعمل على شمولية الحلول، وإشراك أعلى مرجعية دولية بها.
ـ غض النظر الأميركي عن لجوء لبنان الى القبول بالتقديمات الروسية للجيش، من مصادر اخرى، مع إدراك واشنطن والدول ان الجيش اللبناني لا يمكنه الدخول في نزع السلاح غير الشرعي بالقوة، ويمكن الاعتماد عليه لمكافحة الإرهاب.
ـ تم وضع عنوان مشترك في إطار تعزيز التعاون بين لبنان ومحيطه ودول إقليمية وغير إقليمية، وهو إطار مكافحة الإرهاب.
ـ رغبة أميركية في المساعدة على ارساء خطاب لبناني داخلي متوافق عليه، يتم في سياقه تخفيف التجاذبات وصولاً حتى الإنتخابات النيابية التي ستتضافر الجهود قبلها لإزالة التوترات التي يمكن ان تواكبها، وسيكون الوضع اللبناني منذ بداية سنة 2009 حساساً جداً، سيشهد محاولات جدية لقيام تفاهمات تجنب البلاد خضات.
ـ في العلاقات اللبنانية ـ السورية، بعد تمكن فرنسا من ترسيخ مبدأ السيادة والاستقلال, وتكريسه عبر تشجيع قيام التمثيل الديبلوماسي بين بيروت ودمشق، وبدء التلويح ببحث ترسيم الحدود، في الحوار بين فرنسا وسوريا، وأيضاً بحث قضيتي مزارع شبعا والمفقودين اللبنانيين في السجون السورية في المرحلة التالية، فان التركيز مع دمشق حول لبنان سيتخذ إطاراً جديداً مبنياً على مسلّمات السيادة، وما بنبثق منها من مسائل، على أساس ان الانسحاب السوري من لبنان قد تم، وان لا صفقات على حساب لبنان. وتتابع واشنطن عن كثب الدور الفرنسي حيال ذلك. وتتابع أيضاً التحضيرات الأوروبية للتوقيع مع دمشق على اتفاق الشراكة بينها وبين الاتحاد الأوروبي معدلاً.
ومن الأهمية بمكان لدى المصادر، النظر الى إنعكاسات تعزيز الولايات المتحدة لأدوار حلفائها العرب، على الوضع اللبناني. ويأتي تعزيز الأدوار لممارسة الضغوط في اتجاه تحقيق السياسة الجديدة. وستتمكن واشنطن أيضاً من الاعتماد على فرنسا أكثر مما يمكنها الاعتماد على الأوروبيين ككل، خصوصاً وان تشدداً فرنسياً حيال الملف النووي الإيراني، يتم من خلال طريقة إمساك الإدارة الفرنسية بهذا الملف، حيث لا تراجع في ذلك، الأمر الذي كان له أثر في توتر العلاقات الفرنسية ـ الإيرانية أخيراً.
ولاحظت المصادر، ان إيران وحزب الله اللذين انطلقا بتقوية أوراقهما في المنطقة العربية، لا سيما من خلال إعادة تعويم دعمهما لغزة في فلسطين ضد الحصار الإسرائيلي، يحاولان الدخول من الباب الإسلامي العربي، ما يثير القلق العربي خصوصاً من الدول المحورية والمعتدلة، ويضعها أمام تحدي مواجهة الخطر الايراني مجددا. حتى ان الولايات المتحدة طلبت انضمام العراق الى مجلس التعاون الخليجي، وهو أمر لم يكن مقبولاً سابقاً بسبب النفوذ الإيراني في هذا البلد، وعدم قدرته على توضيح سياسته.
وهناك التخوف من لجوء إسرائيل الى القيام بضربة ضد لبنان قبل الإنتخابات الإسرائيلية، رداً على قلقها من تعزز النفوذ الإيراني والقدرات لدى حزب الله تشكل رسالة الى إيران. لكن من غير الواضح ما إذا كان الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما سيقبل ببدء حكمه بالسماح لإسرائيل بالقيام بمثل هذه الضربة. مع الإشارة الى ان سوريا اقنعت إيران بان مفاوضاتها مع إسرائيل، لا تزال في إطار إضاعة الوقت، واستهلاك الوسائل الديبلوماسية والسياسية في المرحلة الضائعة.
والى حين بلورة الإدارة الأميركية الجديدة لسياستها، تقوم فرنسا بتعزيز دورها في المنطقة العربية والشرق أوسطية. وهي ستدشن قاعدتها العسكرية في أبو ظبي في الربيع المقبل التي ستشكل أول قوة عسكرية غير أميركية في الخليج. ما يشجع على قيام تحالفات فرنسية ـ عربية موازية لتلك العربية ـ الأميركية.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.