مع ترقب ما سيتضمنه تقرير رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه والجرائم الأخرى، القاضي دانيال بيلمار، الذي سيحيله خلال اليومين المقبلين، على مجلس الأمن الدولي، عبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، بدأت الأنظار تتجه الى التواريخ والمواعيد القضائية، المتصلة بصدور القرار الاتهامي، أو ببدء العمل الفعلي للمحكمة والمحاكمة.
إلا أن أوساطاً ديبلوماسية مطلعة، تفيد أن المشاورات التي أجريت، وتستمر بين أركان الدائرة القانونية في المنظمة الدولية، وبيلمار، في هذه المرحلة المفصلية من بدء العد العكسي لانطلاقة المحكمة، لم تكن تتركز فقط على تأثير المعطيات التي توصل إليها التحقيق في الجريمة والجرائم الأخرى على مسار المحكمة وتفاصيل المحاكمة، فحسب، إنما أيضاً تتناول طريقة التعامل الإعلامي مع هذا الملف، وما يمكن الإعلان عنه من إجراءات، مسبقاً، أم لا. وذلك لأسباب متصلة بإدراك القيّمين على الملف بأسره، أن هناك مستلزمات للسرية، نظراً الى دقة القضية، ووجود متضررين من العدالة، قد يسعون الى إفشالها، عبر احتمالات عدة وعلى مستويات مختلفة، ما يشير الى أن جانباً كبيراً من المراحل الأساسية التي سيقطعها انتهاء التحقيق وبدء المحاكمة الفعلية، سينطوي على عنصر المفاجأة. وما يزيد في ترجيح هذا الاتجاه، هو أن الجهة التي تحقق على ثقة بما أنجزته وبالمعطيات التي باتت في حوزتها، علماً أن التقرير، لن يكشف إلا عن السياق العام لتقدم التحقيقات، وأن استكماله في إطار الادعاء العام في المحكمة، يهدف الى تعزيزه، واستصدار قرار اتهامي يتميز بالصلابة للمعطيات شبه النهائية. والأسباب الكامنة وراء عنصر المفاجأة في الإعلان عن المراحل الأساسية من مسار هذه القضية، تعود استناداًً الى الأوساط الى ما يلي:
أولاً: السعي للحفاظ على سلامة التحقيق وعناصر المحاكمة بكاملها، إذ أنه عبر ذلك، يمكن تجنب أن يتم استعمال المواعيد والتواريخ المعروفة سلفاً، لأغراض تعرقل مسار العدالة في القضية، وأن الغموض الايجابي في الإبلاغ عن التقدم الحاصل في التحقيق وموعد بدء المحاكمة، يندرج في إطار التدابير التي تضمن انطلاق عمل المحكمة كما هو مقرر لها، ويتم الابتعاد عن أي عوامل تعقد مسارها قبل أن تبدأ.
ثانياً: إن الأمم المتحدة، والمجتمع الدولي يفضلان مراعاة الوضع السياسي اللبناني، لجهة عدم التناول المسبق لما يمكن أن يؤدي الى ردود فعل داعمة للفريق المتضرر من تقدم مسار العدالة، وبلوغه نقطة اللاعودة. وتدرك الجهات الدولية جيداً، تفاصيل الوضع اللبناني، كما تعمل لتعزيز مرحلة التهدئة والاستقرار المعقولين في الداخل، بمعالجات هادئة تبقي على المضمون والجوهر لتنفيذ القرارات الدولية قائماً على خط مواز.
ومن المقرر، أن يُصدر بان تقريره المرحلي الثالث حول مجريات تنفيذ القرار 1757 الخاص بإنشاء المحكمة خلال شهر كانون الأول المقبل. ولم تشأ الامم المتحدة تحديد تاريخ لذلك، تلافياً لتسريبات للتقارير حول القرارات ذات الصلة بلبنان.
إلا أن التقرير سيتناول انتهاء تشكيل المحكمة، والمسار الحالي لها، قبل بدء عملها مطلع آذار المقبل، وعملية التمويل، والقضاة، والقواعد الإجرائية والقانونية التي يتم وضعها من جانب القضاة، وآلية الدمج بين اللجنة والمحكمة وإنجاز ذلك. ويتوقع أن يكون التقرير مفصلياً وأن ينظر به مجلس الأمن في جلسة خاصة لم يحدد موعدها.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.