يدرك المسؤولون اللبنانيون، والقادة، ان مسألتين أساسيتين ستحددان الاستراتيجية الاميركية في ظل عهد الرئيس المنتخب باراك أوباما. الاولى: مصلحة الولايات المتحدة، والثانية، تحقيق التعهدات والالتزامات التي قطعتها واشنطن حيال القضايا الكبرى ذات الاهمية المؤثرة لها وللعالم.
وفي هذا الاطار، يتركز الاهتمام اللبناني على الاسلوب الذي سيعتمده اوباما في الابقاء على مصلحة اميركا فوق كل اعتبار، وفي شكل المعالجة للثوابت الاميركية على مستوى السياسة الخارجية ومضمونها وطريقتها. إذ ستكون لاوباما استناداً الى مصادر ديبلوماسية بارزة، نظرته واسلوبه كما لكل رئيس، وهو الذي يملك كامل السلطة لإجراء تعديلات ما ان رأى الامر مناسباً، بحسب صلاحياته الدستورية. لكن هناك علامات استفهام حول موقفين محتملين للرئيس، منها ما يتصل بالبدائل لديه اذا راهن على الحوار والديبلوماسية، ولم ينجح في مراهناته، وما يتصل بلملمة التدخلات السياسية الخارجية، وما إذا ستؤدي الى التقوقع داخل حدود الولايات المتحدة، لأن التقوقع لا يحل المشكلات العالقة، وهي مشكلات عميقة مرتبطة مع الخارج، أقلها الازمة العالمية المالية، وصولاً الى الارهاب الدولي، ومعركة حرية وبسط سيادة الدول على اراضيها والديموقراطية. كما من شأنه نقل المعركة من الخارج الى الداخل الاميركي، وهذا لن يكون بسيطاً، فضلاً عن الاسئلة حول هامش التعديل في المسار في ظل تقيده بالخطاب الذي عبر عنه في حملته الانتخابية، وفي ظل وجود المؤسسات التي هي استمرارية للحكم، على ان اي تعديل في الاسلوب لا يعني بالضرورة التخلي عن الحلفاء او عن الثوابت حيال البلدان التي ينتمون اليها.
ولاحظت المصادر ان الخطوة الاولى التي حققها اوباما على صعيد التعيينات في فريقه ومدلولاتها، كانت في اتجاه طمأنة اسرائيل عبر تحديده الشخصية التي ستتسلم الامانة العامة في البيت الابيض. وينتظر ان يعطي مؤشرات واضحة الى توجهات سياسته لدى اكتمال تعيين فريقه بالكامل. وهذا لن يظهر قبل مرور اسبوعين من الآن.
وفي سياق التركيز اللبناني على نوعية الاداء الاميركي المرتقب، تشير المصادر الى ان هناك موضوعين لا خلاف اميركياً حولهما: سيادة لبنان وحريته واستقلاله، والموقف من حزب الله. ويبقى انتظار السبيل الى تنفيذ القرارات الدولية حول لبنان وأسلوب السعي لذلك، إلا انه قد تكون هناك نظرة مختلفة لدى الحزبين الجمهوري والديموقراطي حول طريقة التعامل مع ايران والعراق وسوريا، وحل الامور العالقة معهم، لكن الامر مختلف بالنسبة الى لبنان حيث لا يوجد هذا الخلاف، مع ان النظرة الديموقراطية الحوارية لا تعني بالضرورة اعطاء الدول الثلاث ما تريده والانكفاء امامها.
وتشير المصادر الى ان نافذين في الجالية اللبنانية في الولايات المتحدة لديهم قنوات اتصال وثيقة مع اوباما، وان فريق العمل المتوقع لاوباما على اطلاع مهم على الموضوع اللبناني. كما ان زيارات لقيادات لبنانية ستتم خلال الاسابيع القليلة المقبلة الى الولايات المتحدة لاستطلاع المناخ الجديد الذي فرضه فوز اوباما، وشرح الموقف في لبنان. ولدى القيادات مسؤولية مضاعفة، لا تتصل بالهدف فحسب انما بالاسلوب ايضاً، بحيث سيحل حالياً محل جو التحدي في الخطاب الاميركي، جو من التغيير في اتجاه استطلاع مشكلات العالم ووضع القواعد لحلها، والمنبثقة من الثوابت. الامر الذي يكون مفيداً حياله، التركيز اللبناني على جملة اعتبارات أبرزها:
ـ توحيد الخطاب والابتعاد عن الفئوية.
ـ تضمينه رسائل متصلة بالنظرة الى الدولة وسيادتها واستقلالها وحمايتها.
ـ التنبه على ضرورة عدم اطلاق مواقف، تبعد الاهتمام، أو تؤدي الى جعل المتلقي يضيع في التفاصيل، ونسيان الجدير بالوقوف عنده. وطالما ان سياسة أوباما ستنطلق من الثوابت المحققة في لبنان، يجب اعتبار الامر فرصة حقيقية متجددة يفترض تثميرها. وهذا ما قد يجعل حتمياً تعديل اسلوب الخطاب اللبناني لكي يتمكن من مواكبة الجو الجديد في العالم. وفي الوقت نفسه يحافظ على الثوابت الوطنية السيادية.
وتبقى الانتخابات النيابية التي ستفرض في لبنان واقعاً مفصلياً، لا يمكن لأية سياسات خارجية ان تلغيه.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.