أجمعت الشخصيات اللبنانية على طاولة الحوار الوطني التي عُقدت أمس برعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في جلستها الثانية، على فكرة أن يقوم الرئيس باتصالاته ومشاوراته في محاولة للتوصّل إلى صيغة معقولة لتوسيع هذه الطاولة، تكون لمصلحة الحوار وليس للاسترخاء أو لخلق ردود فعل غير واضحة الأبعاد، تعرقل ولا تفيد.
هذا ما أكدته أوساط قريبة من المشاركين في الحوار الداخلي، بحيث انّ هذه الصيغة تتم دراستها من القوى التي تمثّل فريق الرابع عشر من آذار، وإذا ما وجدت أنها تخدم الحوار الجدّي، فلن يكون لديها مانع في توسيع الطاولة على هذا الاساس فقط. كما أنّ الرئيس سليمان لديه تشديد على الإجماع من فريقي 14 و8 آذار من أجل السير بتوسيع الطاولة، ذلك ان المشاركين في الحوار لم ينجحوا في التوصّل إلى اتفاق في البداية حول التوسيع على الرغم من أنّ النقاش قد طال في الموضوع.
أما بالنسبة إلى الاستراتيجية الدفاعية، فإنه للمرّة الأولى تمّ البحث بها بجدّية. ومن المقرر أن يقدّم كل طرف تصوّره لإنجازها بدءاً من الجلسة المقبلة في 22 كانون الأول. وقدم رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون تصوّره للاستراتيجية في 5 صفحات، مبني على وثيقة تفاهمه مع حزب الله. وأخذت طاولة الحوار علماً به، بعد استفسارات من جانب الشخصيات التي تمثل 14 آذار.
وتتوقع الأوساط ان تُستكمل الجدّية والتعمّق في مناقشة الموضوع، في الجلسة المقبلة، إذا لم تطرأ أية مستجدات تعوق ذلك.
ومن الآن وحتى انعقاد الجلسة المقبلة، سيكون المجال متاحاً أمام رئيس الجمهورية لإجراء مزيد من التشاور الداخلي على الصيغة المقبولة والمفيدة للحوار في مجال التوسيع، والسعي الى تقريب وجهات النظر حيال الاستراتيجية الدفاعية.
وأمكن للأوساط وضع ملاحظات على مسار طاولة الحوار ووظيفتها الحالية، كالآتي:
ـ ان رعاية الرئيس لها، تشمل دوره في التدخل لضبط الإيقاع والحفاظ على حدّ معيّن من الاستعدادات للتوافق، إن لم يكن متاحاً في الوقت الحاضر التفاهم الفعلي في العمق.
ـ خلق قواسم مشتركة في الآراء بين المتحاورين ونقاشها، وهذا ما يفيد الحوار، إذ يمكن أن تكون مدخلاً لتوسيع الأفكار التي قد تشكل قواسم مشتركة. وهذا ما يمكن أن يقوم به الرئيس وبدعم من المتحاورين.
ـ تخفيف الاحتقان في الشارع، ورفع الأمور الخلافية إلى البحث السياسي على الطاولة، بحيث يلتزم كل فريق بموقفه أمام الآخرين وفي اطار رعاية الرئيس.
ـ تؤدي الطاولة الحوارية إلى تقوية مقام الرئاسة الأولى، على الرغم من أنّ هناك أسئلة مطروحة عما إذا الحاجة هي إلى طاولة مستديرة يرعاها الرئيس، تكون شبيهة بالطاولة السابقة للحوار، وعما إذا كرّست الطاولة وجود فريقين يمكنها بسهولة حلّ مسألة السلاح.
ـ تشكل طاولة الحوار مادة مهمّة في ملف الرئيس في زياراته الخارجية، حيث يشرح الموقف في لبنان، ومسار التفاهم الداخلي، خصوصاً وأنها بلورت مصالحات وفتحت الباب أمام تكريس مصالحات أخرى يتم السعي إليها.
وتوقفت الأوساط عند هامش التحرّك الذي توفره مواصفات طاولة الحوار الحالية، والمدى الذي يمكن أن تبلغه في هذا الظرف، إذ انّ الفرقاء يسيرون على إيقاع ما يحصل دولياً واقليمياً، لاسيما بالنسبة إلى المرحلة الأميركية الاتنقالية، والمفاجآت التي لا يمكن إسقاطها من الحسبان. وعلى الرغم من فوز المرشح الديموقراطي باراك اوباما في الانتخابات الرئاسية الأميركية، فإنه ليس من الواضح بعد ما إذا كان سيسقط مفهوم المحافظين الجدد في السياسة، لأن كل الاحتمالات تبقى واردة.
كذلك، في موضوع الاستراتيجية الدفاعية، فإن القرار 1701 لم يحقق حتى الآن سوى وقف النار وهو ليس شاملاً ولا ثابتاً، بمعنى وقف الاعتداءات بين حزب الله وإسرائيل، ما يقتضي لدى دراسة الاستراتيجية، تحديد مَنْ يُمسك قرار المواجهة، بناء على مسؤولية السلم والحرب في لبنان. فهل يبقى للمقاومة قرار المواجهة، وتتعايش الدولة معه في اطار الاستراتيجية الدفاعية؟.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.