مع توافر كل المعطيات لوصول المرشح الديموقراطي باراك أوباما الى البيت الأبيض في الانتخابات الرئاسية التي ستجري اليوم في الولايات المتحدة الأميركية، تبدو الاهتمامات مشدودة الى السياسة الخارجية، وموقع لبنان والمنطقة فيها.
وتؤكد مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، ان المرجعيات اللبنانية، ستفاجأ بمدى الحزم الذي سيكون موجوداً لدى الادارة الأميركية الجديدة في تعاملها مع المنجزات التي تحققت في لبنان على مستوى سيادته واستقلاله ووحدة أراضيه. وهذا ما سيظهر جلياً في الممارسة ليؤكد ان القلق من التغيير في الحكم في واشنطن ليس في محله ولا داعي لأي تخوف على الثوابت اللبنانية، وعلى التعامل معها، خصوصاً انه لا توجد بين الحزبين الديموقراطي والجمهوري خلافات حول الموضوع اللبناني، وان الكونغرس الديموقراطي الطابع منذ انتخاباته في 2006 كان أول المساهمين في اقرار المساعدات للبنان والتي فاقت المليار دولار أميركي، فضلاً عن الدعم السياسي بين الادارة برئاسة جورج بوش والكونغرس الذي لم يكن ليعارض له أي توجه حول لبنان.
وفي هذا السياق، سيسعى أوباما الى ايصال لبنان الى تحقيق الثوابت والنتائج المرجوة، لكن عبر الحوار، الذي لن يلحظ على الاطلاق، ان يكون لبنان على طاولة التفاوض او التفاهمات الدولية ـــ الاقليمية في حال انعقادها، وسيكون أوباما جيداً لأميركا حيث سيقدم نفساً آخر، مبنياً على ما كانت توصلت اليه الملفات في عهد الرئيس بوش. ويدرك مستشارو أوباما جيداً الوضع اللبناني، والاثمان التي دفعت للتوصل الى الحرية والاستقلال والديموقراطية، وسيستمر التشاور والتواصل اللبناني ـــ الأميركي لشرح تطور الموقف والتنسيق.
وفي موازاة هذا الدعم للبنان ستجري الادارة الجديدة اعادة برمجة للأولويات وللأسلوب والأداء لسياستها الخارجية.
وسيشكل الاستقرار والتهدئة في لبنان حجر الزاوية في ارساء علاقة هادئة مع ملفه، لن تتصاعد دولياً، الا اذا حصلت مفاجآت خطرة تهدد سيادته واستقلاله وأمنه. وطالما ان الوضع السياسي منضبط وطاولة الحوار تشكل أساساً لهذا الانضباط، فإنه لا خوف. وطالما ان الوضع الأمني منضبط بدوره، فإن كل ذلك يحضره لمقاربة تأخذ ذلك في الاعتبار من جانب الادارة الأميركية، وتبني عليها سبل تعزيز الوحدة والاستقرار، في مرحلة الانتخابات النيابية وما بعدها، بحيث تعتبر المصادر، ان جزءاً من أسباب الانضباط هذا تم العمل عليه في الخارج، وجزءاً كان من جراء انضباط ذاتي داخلي.
وتكشف المصادر ان سلم أولويات ادارة أوباما في السياسة الخارجية سيركز على المقاربة الجديدة الحوارية المنحى، في ما يتصل، بالملف النووي الايراني، وفي ما يتصل باستئناف عملية السلام في الشرق الأوسط، وحيث لم تقبل سوريا الطرح الاسرائيلي الذي يدعوها الى قيام مفاوضات مباشرة منذ الآن، على ان ترعاها الادارة الجديدة في واشنطن لدى تسلمها الحكم. وفضلت دمشق ان تُبقي على تفاوضها مع اسرائيل عبر تركيا، الى حين تسلم الادارة فعلياً مهمتها واهتمامها بالسلام في المنطقة. وهناك ملف العراق الذي ستعمل الادارة على لملمة الموقف فيه، وحيث ان لديها رغبة بسحب معظم القوات الأميركية من هذا البلد، لكن بعد ترتيب الوضع الداخلي. وهذه المواضيع كلها ستتصدر الأولوية في السياسة الأميركية الجديدة، لكن من دون أن تتخلى فيها هذه الادارة عن الثوابت التي حققتها ادارة بوش، وجوهر هذه الثوابت.
انها محاولة جديدة ومقاربة حوارية للمسائل العالقة في المنطقة، لكن هذه المحاولة البعيدة عن التهديد باللجوء الى القوة، لا تعني أن التوفيق سينتظر الادارة فيها. واذا تمت مواجهة هذا المسعى بالتعنت وعدم التعاون، فإن الخيار الآخر الذي لا مفر منه، هو العودة الى التشدد.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.