لا يقتصر الأداء الأميركي في لبنان والمنطقة في المرحلة الحالية، على العمل لتخفيف التوتر، ورفض المواجهات، والارتياح إلى التهدئة المعقولة المنجزة، إنما يتعدّى ذلك إلى التحضيرات التي تقوم بها الإدارة برئاسة الرئيس جورج بوش لتسليم الملفات والطروحات إلى الإدارة الجديدة، التي ستنبثق من الانتخابات الرئاسية في الرابع من تشرين الثاني المقبل، وتتسلم فعلياً مقاليد الحكم في العشرين من كانون الثاني 2009.
ولتهيئة المناخ الملائم، وتعبيد الطريق أمام الإدارة المنتظرة لتضع استراتيجيتها وسياساتها، لاسيما الخارجية منها، وهي التي تهمّ لبنان والمنطقة، قرّرت الخارجية الأميركية، استناداً إلى مصادر غربية بارزة، أن يعقد سفراء الولايات المتحدة في المنطقة والديبلوماسيون الكبار في سفاراتها لديها والمسؤولون السياسيون فيها، اجتماعاً لهم في القاهرة منتصف شهر تشرين الثاني، لإعداد قراءة للوضع في المنطقة، انطلاقاً من قراءة كل سفير وتقويمه للوضع والظروف التي تسيطر على الدولة حيث هو معتمد.
وستتجمع نتائج هذه القراءات لتشكل مسودة مراجعة أميركية للوضع في لبنان والمنطقة، تتم بلورتها لاحقاً في وزارة الخارجية وترفع مع أفكار وملاحظات وتوصيات وطروحات، إلى الإدارة المقبلة. على أساس ان الحكم هو استمرارية، وان الإدارة الحالية ستستفيد من الفترة الفاصلة عن تسلم الرئيس المنتخب للسلطة لتمهد امام الادارة المقبلة، التعرّف إلى ملفات المنطقة من دون تأخير.
ولاحظت المصادر ان الاجتماع يأتي بعيد نحو 10 أو 12 يوماً على الانتخابات الرئاسية الأميركية، ما يؤشر إلى الجهد الدؤوب من جانب الإدارة الحالية، لكي يكون لديها متابعة مكثفة للسياسة الأميركية ما بين عهد بوش والعهد الجديد مروراً بالمرحلة الانتقالية، بحيث يتم العمل لحصر الارث السياسي لهذه الإدارة ووضعه أمام القدرات الاستثمارية للإدارة المقبلة.
ويستدل من ذلك، بحسب المصادر، على ان تطور الموقف في المنطقة، ونظرة الولايات المتحدة إليه، لن يكون مجزأ نسبة إلى المواقع فيها على اختلاف بعض ظروفها وأوضاعها، وان هناك رابطاً يشملها كلها، وان الأداء الأميركي في لبنان ليس منفصلاً عن الأداء الأميركي الشامل في المنطقة خصوصاً حيال الوضع العام حيث لا مبادرات أو اختراقات، ما خلا التفاصيل المتعلقة باستمرار الدعم للحكم والحكومة وللجيش وللمؤسسات، على الرغم من ضبابية المرحلة والوقت المستقطع فيها، ما يعني ان الافق في الأداء السياسي الأميركي حيال المنطقة يبقى يراوح مكانه.
كما يستدل من ذلك ايضاً، على ان التفاهم الدولي ـ الاقليمي الحاصل ومناخ التهدئة المتفق عليه، أو الذي تقاطعت مصالح الكبار والاقليميين حوله، بحكم الظروف والعوامل السياسية والأمنية، ليس تفاهماً دائماً وبعيد المدى، بل يمثل هدنة مرحلية لن تخرقها أي صفقة نهائية على حل دائم أو اتفاق ثابت، في اطار سقف سياسي ما.
ويؤكد ذلك، ان الملفات التي في حوزة الإدارة الحالية، تبقى حجر الزاوية في أي استراتيجية جديدة أو أسلوب، ستتبعهما الادارة المرتقبة، وستبني عليها من دون تجاهل لأي منها.
وحتى انعقاد الاجتماع، تركز واشنطن على المسار الفلسطيني ـ الإسرائيلي، وتطورات الوضع الداخلي الفلسطيني في ضوء المبادرة المصرية. وقد أوفدت إلى المنطقة مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد ولش الذي تشمل جولته مصر والاردن وإسرائيل، وسيتبعه إلى المنطقة قريباً معاونه السفير جيفري فيلتمان للغاية نفسها، من دون تأكيد ما إذا ستشمل الجولتان لبنان.
ومع الارتياح الذي تبديه واشنطن لاستقرار الأمور وثباتها في المنطقة، كخطوة مطلوبة حالياً، فإنها لا تزال قلقة للأجواء المشحونة مذهبياً فيها رغم التهدئة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.