يتأثر الوضع اللبناني بموسم مصالحات واعد على المستوى الداخلي، يتم على وقع مزيد من الاسترخاء في العلاقات الاقليمية ـ الدولية، يسعى مختلف الفرقاء في لبنان الى استيعابه وتثميره واللحاق بتداعياته.
وليس بعيداً من هذا الجو الأوراق التي تقدمها دمشق حالياً، لا سيما في ما خص جدية اقامة العلاقات الديبلوماسية مع لبنان قبل نهاية هذه السنة، والاجراءات التي يتابعها وزيرا الخارجية اللبناني فوزي صلوخ والسوري وليد المعلم في هذا الشأن، فضلاً عن الاشارات السياسية والأمنية التي يحملها الكشف عن الشبكة الارهابية في طرابلس، بحيث تؤكد مصادر ديبلوماسية عربية بارزة، وجود دور للتعاون السوري في مكافحة شبكات الارهاب، وحيث أعيد الى الواجهة اتهام فتح الاسلام بها، ولم يتم أي حديث عن وجود أي دولة وراءها كما كان خلال مرحلة خلت، الأمر الذي يحمل رسائل داخلية وخارجية.
وعلى الرغم من أن اقامة العلاقات الديبلوماسية بين البلدين حاجة ملحة لتوفير شروط وظروف سيادة البلدين واستقلالهما، وتنفيذهما للقرارات الدولية، الا ان من شأن هذه الخطوة ان تؤدي الى تراجع أو خفوت بعض الأصوات المطالبة بذلك في لبنان قبل موعد الانتخابات النيابية المرتقبة في الربيع. وتحمل هذه الخطوة رسائل داخلية وخارجية مفادها ان دمشق لم تعرقل اقامة السفارتين، وهي ستسجل مبادرة تحقق هذا الموضوع، لا يمكن معها أن تنفي اية جهة ان مسار العلاقات يسلك، ولو في الشكل، القواعد التي تحكم العلاقات الديبلوماسية بين الدول. الا ان المصادر لا تجزم بأن الظاهر سينسحب على المضمون والواقع، الذي قد تعطى الأولوية فيه، للعلاقات الرئاسية، وللزيارات المعلنة أو غير المعلقة.
ويتبيّن، استناداً الى المصادر، ان هناك تفاهماً سياسياً مرحلياً اقليمياً ـ دولياً، يُنتج مفاعيله على الارض في لبنان، حيث لدول عربية محورية أدوار في سياقه. وقد ساهمت دمشق في تبادل المعلومات الحاصل بالنسبة الى شبكات الارهاب، في مقابل تخفيف الضغوط الدولية عنها، وتحضيراً للحكم الجديد في الولايات المتحدة، عبر تحسين الصورة، وطرح القدرات على الطاولة.
ويقع في اطار التفاهم السياسي المرحلي الاقليمي ـ الدولي، التفاهم الحاصل بين الفلسطينيين، بعد ترتيب الوضع العراقي، وتأجيل بت مصير الملف النووي الايراني. والقيادات اللبنانية كافة وفي مقدمها رئيس الجمهورية ميشال سليمان، يدركون تماماً وجود مثل هذا التفاهم. وزيارات الرئيس الخارجية تؤدي دوراً في استكشاف تطور الموقف، وتعزيز العلاقة مع الأقطاب في الخارج المؤثرين على الداخل ما ينعكس ايجاباً في تقوية موقعه، وتسهيل مهماته.
وفي سياق هذا التفاهم، من المقرر أن يتعامل فريق الأكثرية السيادي مع التطورات بطريقة جديدة من دون تغيير في الأهداف السياسية، بحيث ان المرحلة مليئة بالمطبات، وبتبادل الرسائل الاقليمية من سورية وايرانية واسرائيلية، والدولية معاً في لبنان. ما يقتضي رسم خطة عمل ملائمة تخفف من أية آثار غير ايجابية في مرحلة الوقت المستقطع.
وتلاحظ المصادر، انه لم تحصل حتى الآن مصالحة سعودية ـ سورية، وحصولها في الواقع من شأنه تطمين اللبنانيين الى مصير التفاهمات. أما استمرار دخولها في مرحلة التعثر، فيؤشر الى أن الأمور التي تتحقق لا تزال تسير في اطار الهامش الموقت.
وفي آفاق هذا التفاهم، ان يسري مفعوله على الانتخابات النيابية، بحيث يفرز مجلس نواب مؤات، بعد معارك انتخابية محدودة. وفي هذا المجلس قد لا يأخذ حزب الله حصة كبرى على غرار مشاركته في الحكومة، وترك حلفائه يأخذون حصصاً معقولة، لكي يحافظ على مجالات المناورة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.