8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

موانع أمام عودة سوريا واتصالات لضبط الوضع

الأسباب التي تمنع دمشق حتى أن تلجأ الى اقتحام عسكري للحدود اللبنانية ـ السورية الشمالية، والعودة الى لبنان للتمركز في مناطقه تبدو عديدة. مع أن دمشق، استناداً الى مصادر ديبلوماسية عربية بارزة، أرسلت اشارات واضحة مفادها ان لبنان يشكل مجالاً حيوياً لها، وأنه إذا لم يتصرف لدرء مخاطر الارهاب ومعالجته، فإنها ستتصرف هي. وذكرت المصادر أنه لدى معركة لبنان ضد "فتح الاسلام" في مخيم نهر البارد الصيف الماضي لم يتم تحريك ساكن والكل يدرك تماماً ما حصل، وكانت الحرب على الارهاب مفتوحة واستمرت 4 أشهر.
وتكمن الأسباب بحسب المصادر في ما يلي:
ـ إن الانفتاح الفرنسي على دمشق نتيجة أدائها أخيراً بإيجابية في الملف اللبناني منذ اتفاق الدوحة، لا يعني تسهيلاً لدور سوري في لبنان توصلاً الى مكسب لسوريا على حساب العمل لتراجع سياسي لدور القوى الاستقلالية. إنما كان الانفتاح الفرنسي مشروطاً ومضبوطاً، وليس لدى باريس أي نية في الخروج عن الضوابط الدولية مع دمشق في عملية الانفتاح عليها، وتحديداً حول الملف اللبناني. وفي هذا الاطار، تتكثف الاتصالات والمشاورات الفرنسية السعودية لتأكيد دور البلدين في لبنان، عبر مساعيهما للتهدئة واستكمال المصالحات الداخلية، والتطلع بأمل الى الجلسة الثانية للحوار الداخلي في 5 تشرين الثاني لكي تحرز تقدماً جوهرياً في التوصل الى بداية تفاهم حول مصير السلاح.
وبالتالي، فإن العمل على الاستقرار والتهدئة يعد السبيل الأساسي في مكافحة الارهاب والتطرف، وليس أن تترك الساحة للعب بالورقة الأمنية سبيلاً لضبط الوضع اللبناني، لا سيما مسألة معالجة الارهاب. لذلك، فإن ترطيب الأجواء الداخلية باحتضان دولي وعربي سيؤدي مجدداً الى انضباط أية أدوار اقليمية من شأنها أن تعزز مجرى انفلات الأمور عن مسارها الصحيح، بغية ارسال رسائل للقدرة على التدخل أمنياً وسياسياً، من أجل الدخول كجزء في حل متجدد لمسألة الارهاب في لبنان، وإرسال رسائل خارجية لهذا الهدف.
مع الاشارة الى أن اتفاق الدوحة لم يشمل في الأفرقاء الراعين مباشرة له سوريا، على غرار ما كان بالنسبة الى "اتفاق الطائف"، وصحيح ان دمشق سهلت تنفيذ "الدوحة" لكنها لم تكن ضمنه. وتفترض المشاورات الفرنسية ـ السعودية المكثفة حول لبنان، أن تصمد المصالحات الداخلية، وان تبلور تحالفات معينة تمهيداً للانتخابات النيابية في الربيع. كما ترغب في أن ترى التفاهمات والمصالحات مسندة بالحكومة لتسهيل عملها وتفعيله.
ـ على الرغم من الانفتاح الفرنسي وبداية الانفتاح الأميركي على دمشق، المشروطين وفق معايير مطلوبة، إلا أن المجتمع الدولي برمته لا يزال يعارض السلوك السوري، ولم تحظَ دمشق بعد بانفتاح سياسي واقتصادي كامل وأي خطوة من جانبها تتعارض وقرارات الشرعية الدولية ستلقى بنتيجتها عقوبات وتشديدا للضغوط. وقد وضع الموقف الأميركي العالي اللهجة الذي حذر دمشق من العودة الى لبنان، سوريا أمام مسؤولياتها ونبهها الى عدم اللجوء الى انفلات الأمور. وجاء بيان الخارجية الفرنسية ليطمئن الى أن الخطوة السورية داخلية، وستبقى دمشق تحت المجهر الدولي الذي لن يبقى مكتوف اليدين في حال تطورت الأمور بشكل مغاير لما هو منجز بالنسبة الى سيادة لبنان واستقلاله.
ـ تستبعد المصادر، وجود مصلحة سورية في العودة الى الوراء في موضوع بدء ازالتها لعزلتها الدولية. لا بل ان لديها مصلحة في التعاون دولياً لاستكمال الانفتاح الأوروبي والدولي، والسعي لانفتاح عربي كامل عليها لا سيما من جانب المملكة العربية السعودية بعد فرنسا. وبالتالي فإن حشودها العسكرية تهدف الى حماية نفسها وضبط داخلها قبل السعي لضبط الداخل لدى أي بلد جار.
ـ لا توجد مبررات متاحة أمام دمشق للعودة عسكرياً الى لبنان أو مناطق فيه. وليس سهلاً التفكير في ذلك، فالمجتمع الدولي سيرفض، وبالتالي لن يقبل أن يسمح لأي جيش غير جيشه تسلم أمنه، خصوصاً أن ذلك يتطلب موافقة حكومية وبرلمانية هي غير واردة، وفي هذه الحالة، يعتبر أي دخول عسكري عربي أو دولي الى لبنان احتلالاً بالقوة ستتم مقاومته ومواجهته على مختلف المستويات.
ـ إن القرارات الدولية لا سيما الـ1559 و1701، تبقي لبنان تحت المظلة الدولية والمراقبة المباشرة والدائمة من مجلس الأمن. وان وجود "اليونيفيل" يشكل عاملاً رادعاً لأي جهة في أن تطمح بوجود عسكري في لبنان.
ولفتت المصادر الى أن اسرائيل لا تمانع بوضع سوريا يدها على معالجة ملف الارهاب انطلاقاً من لبنان. ولاحظت انه في الأساس كشفت الصحافة الاسرائيلية عن خبر الانتشار العسكري السوري المكثف على الحدود مع لبنان شمالاً، وتطرح المصادر، أكثر من علامة استفهام حول مغزى الاهتمام بمراقبة الحدود وضبطها من الارهاب في الشمال، واختيار هذه المنطقة، وعدم الاهتمام بضبط الأمر على بقية الحدود بين لبنان وسوريا. كما تطرح تساؤلات، حول طريقة التعامل مع عدم القبول بأن تكون دمشق جزءاً من الحل مثلما تريد، والبدائل لدى دمشق وطبيعتها.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00