يدور نقاش دولي، بعيداً عن الأضواء، حول الوضع اللبناني الراهن، وما إذا كان مساره صحيحاً، وما إذا تحققت له إنجازات، من جراء بدء الانفتاح الفرنسي على دمشق، والانفتاح الجزئي الأوروبي عليها، وذلك في ضوء القمة الفرنسية ـ السورية الأخيرة، والقمة التي جمعت فرنسا وسوريا مع قطر وتركيا.
ويتزامن هذا النقاش مع عودة القلق العربي والدولي إزاء المخاطر الأمنية التي تلف الوضع اللبناني، والرسائل التي تحملها في أكثر من اتجاه وصولاً الى الانتخابات النيابية، التي تشغل بال القوى الإقليمية. إذا إن مختلف الأفرقاء الدوليين والإقليميين يدركون جيداً خطورة الوقت الضائع في انتظار إقلاع قطار السياسة الخارجية للإدارة الأميركية الجديدة، ما يجعل الوضع اللبناني أقرب الى الضبابية منه الى الغموض الإيجابي، بحيث إن هناك محاذير من تجدد أعمال الاغتيالات السياسية، ومن سعي متضررين من التهدئة الحاصلة في لبنان، الى التعطيل على مصالحهم، وعلى مصلحة لبنان معاً، عبر محاولة اللعب بالورقة الأمنية، بدلاً من اللجوء الى تحسين المواقع الدولية.
وتفيد أوساط غربية بارزة، أن هناك تفاوتاً كبيراً في وجهات النظر بين الأوروبيين حيال التعامل مع سوريا، ومستوى الانفتاح المطلوب عليها. ووجهات النظر هذه، مبنية على أساس أنه لا يتبين بالنسبة الى معظمهم، أن دمشق ستقدم مواقف جوهرية في الملف اللبناني، مع اعتبارها للخطوات الجيدة التي أنجزت حتى الآن، لكنها تعتبر أن المطلوب لا يزال أكثر بكثير مما أنجز، لذلك يشجع فريق من الأوروبيين وبينهم باريس، على استمرار التحرك في المنحى الذي يتم مع دمشق، لأنه بذلك ستكون هناك قدرة على إحراز تقدم ملموس في المرحلة الراهنة. وفريق آخر، لا يشجع على المزيد من الخطوات الانفتاحية، ولا على تسليف أي مواقف جدية لدمشق، قبل أن تثبت فعلياً أنها تقدم بدورها خطوات ملموسة حول لبنان. أما الولايات المتحدة التي لا تأخذ موقفاً حيال التحرك الأوروبي، فلا تزال في الوقت نفسه تحافظ على عدم موافقتها على الانفتاح ولا ترتاح له.
وتوضح الأوساط، أن فرنسا أجرت اتصالات مع كل من واشنطن والعواصم الأوروبية، التي تم وضعها في أجواء التحرك الفرنسي والقراءة الفرنسية لنتائجه، إذ لم يمانع جزء من الأوروبيين التحرك، أما جزء آخر، فلم يسجل بعد ارتياحاً، ما انعكس الأمر على موضوع الشراكة الأوروبية مع سوريا حيث لا اتفاق فعلياً بين الدول الأوروبية على السير قدماً بالاتفاق او حتى توقيعه.
وتكشف الأوساط، أنه في نهاية السنة الحالية ستجري فرنسا والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تقييماً لنتائج التحرك، ولمستوى التقدم الجوهري الذي أحرز، مع سوريا، في مراجعة فرنسية ـ أوروبية شاملة للوضع اللبناني، يتم خلالها وضع الملاحظات مهما كانت إيجابية أو سلبية. ولتطور الوضع حتى موعد المراجعة أهمية كبرى ستنعكس حتماً على مضمونها.
ولا تعتبر الأوساط، أن هناك عناصر تم تقديمها في مقابل الخطوات السورية التي ظهرت. وهذا أمر أساسي، وذلك أن القمة الفرنسية ـ السورية انعقدت بعد تحقيق دمشق لمطالب محددة منها في لبنان. ثم أن هناك محاولة لفك التحالف السوري ـ الإيراني يكمن عبر هذه الطريقة. وأن فرنسا تقوم بسياسة الخطوة خطوة. مع الإشارة الى أن فرنسا لم تشارك في القمة الرباعية على أساس أنها ستخلق مساراً جديداً، بل لأنها كانت فرصة، لكن لن تستتبع بمحطات أخرى أكثر تقدماً، وهذا الحدث لن يكون له استكمال. بل إنها اضطرت لحضورها ولم يكن بإمكانها الرفض، مع العلم أنها كانت مستاءة من الكلام الذي صدر في أعقابها.
والتقييم الأوروبي مهم جداً، نظراً الى توقيته في نهاية عهد سياسي في واشنطن وبدء عهد جديد. وعلى الرغم من أنه سيكون مدار بحث مع الإدارة من جانب أوروبا، فإن الإدارة بعد نحو ستة أشهر من تثبيت مواقعها ستقوم هي بنفسها بمراجعة للوضع اللبناني والمؤثرات الدولية والإقليمية والداخلية منه.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.