تصدرت المصالحة التي تمت في طرابلس، الاهتمامات العربية والدولية، والتقارير الديبلوماسية حول تطور الموقف في لبنان. وهي محور المشاورات الداخلية والخارجية للبناء عليها في ايجاد الظروف الأكثر ايجابية ولارساء مزيد من الاستقرار وتعميمه.
وتضع مصادر ديبلوماسية عربية بارزة، "انجاز طرابلس"، في اطار ترابط سلسلة من الخطوات الاقليمية ـ الدولية، والعربية ـ العربية، التي توفر تهيئة ممكنة لمناخ من الاسترخاء، والتهدئة، لا تزال مفاعيلها قائمة منذ انطلاق اتفاق الدوحة حول لبنان، وحتى الآن، على الرغم من وجوب الابقاء على المحاذير من السلبيات أو المفاجآت الأمنية، وضرورة تنبه الأجهزة الأمنية الى المتضررين من التفاهم بين اللبنانيين وتلاقيهم على الاعتدال ونبذ التطرف.
وأولى هذه الخطوات، ما يتم العمل له عربياً على مستوى تحسين العلاقات السعودية ـ السورية. ويشكل "انجاز طرابلس"، مدخلاً لتهيئة الأجواء أمام ظروف مريحة بين الطرفين. ويلزم تأكيدها تثيبت النيات بالأفعال على الأرض ستنعكس ايجاباً عليها، مع الاشارة الى أن المساعي القطرية والمصرية لم تسجل بعد اختراقاً في الموضوع العالق بين السعودية وسوريا. انما أي خطوة عملية ستساعد كثيراً في دفع الاتصالات الهادفة، وستحول المساعي الى تقدم ملموس. ويذكر أن الرياض كما الدول العربية عموماً، استغربت كلام الرئيس السوري بشار الأسد حول الدول الداعمة للتطرف في الشمال، في حين ان هذه الدول مجتمعة تعمل لتزكية خط الاعتدال كونه ينزع عناصر التفجير والفتنة والاقتتال الداخلي، الذي هو مرشح للانتقال الى دول المنطقة، ولن يكون حكراً على طرابلس أو لبنان.
وجاءت المصالحة في الشمال، برعاية رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة، وبعد الجهد الذي بذله رئيس كتلة "المستقبل" النيابية النائب سعد الحريري، ومساعي الأطراف المعنية كافة، اثر ما توقعته جهات عربية ودولية في ضوء القمة الفرنسية ـ السورية الأسبوع الماضي، والقمة الرباعية التي تلتها في دمشق.
وعلى الرغم من التصريحات التي فاجأت لبنان وفرنسا والعرب، الا ان التفسير الذي أعطي لها من الجهة التي أطلقتها عبر القنوات الديبلوماسية، حملت ايجابية، وهي تتلخص، بأن هناك ضرورة للتخلص من التطرف، واذا لم يتم التخلص منه، فهناك خطر بحصول انفجار للوضع، وبالتالي على الجيش اللبناني ان يأخذ دوره في حماية الأمن، وتشير المصادر، الى أن دمشق تحاول عبر تجاوبها مع مطلب الرئيس نيكولا ساركوزي في شأن طرابلس، أن تسجل مزيداً من التعاون في الموضوع اللبناني.
كذلك، جاءت الاتصالات العربية، والأخرى الفرنسية ـ الاقليمية، في سياق السماح الأميركي لأدوار التهدئة الفرنسية والأوروبية والعربية ان تقوم، في ظل الانشغال والانتخابات الرئاسية. فاستفاد لبنان مرة جديدة، بعد اتفاق الدوحة من هذه الظروف، برغبة من اللاعبين الدوليين والاقليميين في تثمير الوقت الفاصل عن تسلم الحكم الجديد في الولايات المتحدة، لتحسين موقعه على الخريطة الدولية. والوضع اللبناني سيجد مزيداً من التهدئة نسبياً في انتظار تطور المنحى الذي ستسلكه العلاقات الدولية ـ الاقليمية مطلع السنة المقبلة وحتى الربيع.
ويترقب أن تبحث زيارة وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل الى باريس منتصف هذا الأسبوع، تطور الموقف في لبنان، والعلاقات العربية والعربية، خصوصاً بعد قمة ساركوزي ـ الأسد، وبعد الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي والترويكا الأوروبية الى موسكو التي تنسق مع فرنسا في شأن لبنان والمنطقة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.