هناك احتمالان توردهما المعطيات الديبلوماسية بالنسبة الى التهديدات الاسرائيلية المتجددة ضد لبنان، والتي تشغل المجتمعين الدولي والعربي وتقلقهما، اضافة الى الخوف على الوضع الداخلي.
الاحتمال الأول، يقول بأن الاشهر الثلاثة الفاصلة عن الحكم الجديد في الولايات المتحدة، ستتميز بدقة عالية تصل الى حد الخطورة في لبنان والمنطقة في ملف التعامل الاسرائيلي معهما. بحيث ان احتمالات تعرّض المنطقة لانفجار كبير يبقى وارداً، في ضوء محاولة تل أبيب تكبير حجم تهديدات "حزب الله" لها، وللخطر الذي يحوط بها من جراء قدراته. وفي حال اضطرت الى القيام بعمل عسكري، فانها تتوخى منه، ثمناً داخلياً، ابرزه في وقوف الكنيست الى جانب أي قرار سياسي بانجاز الضربة، وستستفيد اسرائيل من فترة الانشغال الأميركي بالاستحقاق الرئاسي للمبادرة أمنياً، وبتوقيت مفاجىء للعالم. خصوصاً وان قرار توجيه ضربة ضد إيران أو حتى ضد الحزب في لبنان، يحتاج الى دراسة وتفكير من جانب أميركا وأوروبا. كما ان الوضع الروسي المستجد قد يغير المعادلات اذا ما تأخر قرار الضربة، وان الثمن على اسرائيل يبقى اقل اذا ما قامت بها قبل العهد الجديد في واشنطن، ما يجبر الادارة الاميركية الحالية والاتحاد الأوروبي على الانجرار الى هذه الساحة والدفاع عن اسرائيل ومصالحها.
وما يدعم هذا الاحتمال وفقاً للمعطيات، ان أي خروج مؤتمر موسكو للسلام المزمع عقده في بداية تشرين الثاني، بنتائج شكلية لن يرضي قوى لديها حساباتها على الارض، التي ستكون لديها ردة فعل، سعياً لتغيير الواقع. ما يجعل الأشهر القليلة المقبلة دقيقة وحساسة جداً. وستكون لها انعكاساتها على الوضع الداخلي اللبناني، وعلى طريقة أداء الحزب بالنسبة الى خلق الاستراتيجية الدفاعية اللبنانية، أو بالنسبة الى مستوى الأولوية التي يجب ان يعمل لها.
وتلاحظ المعطيات، انه دائماً ينعكس أي تهديد اسرائيلي للداخل ايجاباً على قوة الحزب وموقفه، وعلى السعي من الافرقاء الآخرين للالتفاف حوله، ضد أي تهديد خارجي.
أما الاحتمال الثاني، فيركز على الواقع أكثر منه على النوايا، ليقول ان اسرائيل تحسب الحسبان لأي معركة ضد الحزب والمقاومة في لبنان اللتين ستردان التهديد ولتسجيل مكاسب أمنية وسياسية تجاه "اليونيفيل" التي تطالب اسرائيل بتعديل صلاحياتها، وتجاه الداخل الذي سيلتف حولهما. كذلك ان الجيش لن ينجر وراء قرار رئيس الوزراء المستقيل ايهود أولمرت، والتركيبة السياسية، لا سيما في ما خص الاحزاب، ضعيفة لا تسمح بالحرب، وان التهديدات هي مجرد تهويل للاستخدام السياسي الداخلي.
إلا انه في كلا الاحتمالين، فإن التهديدات، إن نفذت أو لم تنفذ، فإن تأثيرها في الداخل اللبناني له وقعه لا سيما انها تزامنت مع التحضيرات لبحث الاستراتيجية الدفاعية، حيث لم يتم الاتفاق الفعلي بعد على بحث جوهر هذا الملف. فعدا عن تراجع الحديث عن أي مفاوضات دولية مع إيران، وعلامات الاستفهام الكبيرة حول مستوى مناخ التهدئة الاقليمي ـ الدولي الحالي، فإن التهديد الاسرائيلي للبنان سيجعل خلط الأولويات هدفاً من جانب الحزب، الذي كان وافق على اتفاق الدوحة وكافة مرتكزاته، والسعي لإرسال رسائل متنوعة حول أولوية المقاومة وليس الاستراتيجية الدفاعية. الأمر الذي يحتم على الحكم، استناداً الى المعطيات، التمسك أكثر بجدوى الحوار، بحيث تتحدد الأولويات في مواجهة الاخطار، انطلاقاً من التفاهم الداخلي ومن طاولة الحوار بالذات، مع العلم ان اسرائيل لا تريد ان يتفاهم اللبنانيون على آلية موحدة للدفاع عن أرضهم، وانها دائماً كانت ولا تزال لدى أكثر من فريق اقليمي مصلحة في ان يتم إرباك وضع المنطقة ولبنان لناحية الاعتداءات الاسرائيلية من أجل اللجوء اليهم لخلق معادلات جديدة أو آليات تهدئة معينة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.