عودة التشنج السياسي الى الاجواء اللبنانية ربما هو القاسم المشترك في الحوافز غير المعلنة للمعنيين بالحركة الديبلوماسية النشطة دولياً في اتجاه بيروت هذا الاسبوع بدءا بالفرنسية ثم الأميركية، فالمصرية، والفلسطينية التي سيكون لها وقع خاص بالنسبة الى تعزيز العلاقات الثنائية.
وتقول اوساط ديبلوماسية غربية، ان الدول الكبرى المهتمة بالشأن اللبناني، والتي واكبت انجاز اتفاق الدوحة. لاحظت ان هناك بداية تصعيد في المواقف الداخلية، ومن جانب قوى 8 آذار، جاءت مبكرة لتوقع احتمال حصول ذلك بعد اشهر قليلة، او مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية في أيار 2009. وبداية التصعيد هذه، حظيت بتقييم غير ايجابي، منذ انطلاقتها في جلسات مجلس النواب التي خصصت للثقة بالحكومة الجديدة.الأمر الذي اثار قلق هذه الدول حيال المسار الذي تسلكه الامور في لبنان، وبالاحرى عدم رضاها عنه.
وبسبب عدم رغبة هذه الدول في التراجع عن معادلة التهدئة وتحييد لبنان عن التداعيات الاقليمية والدولية في انتظار رسم الادارة الاميركية الجديدة معالم سياستها حيال لبنان والمنطقة، تركز الحركة الديبلوماسية التي استؤنفت في اتجاه بيروت بعد نيل الحكومة الثقة، على جملة نقاط:
ـ استكشاف تطور الموقف على المستوى الداخلي ودرسه، والنظر في ما يمكن ان ينتج عنه من تقدم، في حال عمدت هذه الدول الى العودة الى الدور المباشر لحلحلة التعقيدات، مع ان اتصالاتها ومشاوراتها لم تنقطع، كما النظر في الحفاظ على مبدأ أن لا يكون أي علاقات بين سوريا والعالم على حساب لبنان واللبنانيين.
ـ استطلاع رؤية الافرقاء اللبنانيين لحل المشاكل الاساسية التي لا تزال عالقة، بحيث انه في مثل استمرار اجواء التصعيد كما هو قائم، وكما هو مرشح ازدياده، اذا غابت المساعي الحميدة، هناك قلق كبير على عمل الحكومة وادائها ومن الصعوبة بمكان ان يكون في مقدورها القيام بدورها.
ـ انه بعد تنفيذ البندين المتعلقين بانتخاب رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، هناك خطر، على استكمال مسار تطبيق اتفاق الدوحة، الامر الذي يستوجب الرعاية الدولية والعربية للوضع اللبناني للدخول في تفاصيل عناصر الاستقرار السياسي والأمني المطلوب، من خلال المضي بتنفيذ هذا الاتفاق في اطار من التفاهم والتوافق. ما يؤدي الى عدم الاستفراد بلبنان او محاولة القيام بذلك.
ـ استطلاع ما لمسه لبنان على صعيد الجدية السورية من خلال القمة اللبنانية ـ السورية، للالتزام بالمطالب الدولية من سوريا حيال الموضوع اللبناني، وقد حملت قوى 14 آذار كوشنير مطالب متصلة بألا تكون إقامة العلاقات الديبلوماسية نهاية المطاف بل ان هناك ملفات عالقة لاسيما في السلاح الفلسطيني خارج المخيمات.
ـ لن تحمل الزيارات رسائل سياسية كبيرة من جراء حصولها، انما هدفها يبقى في استطلاع الوضع، بطريقة تنحو الى استمرار الاحتضان الدولي له وعدم تركه، والابقاء على الاتصالات والمشاورات معه وفي سبيله مفتوحة.
ـ استطلاع القراءة اللبنانية للتهديدات الاسرائيلية، مع عدم استبعاد قيام اسرائيل بضربة إلا ان احتمالات حصولها تتوازى مع احتمالات عدم حصولها أيضاً، وسط الاحراج الذي تعانيه تل ابيب على المستوى الداخلي والصعوبات امامها في استخدام الورقة الفلسطينية في هذا الظرف، واحتمال اللجوء الى الورقة اللبنانية.
ولن تقدم فرنسا إلا الدور التسهيلي في مرحلة السبعة او الثمانية أشهر الفاصلة عن رسم السياسة الأميركية الجديدة. لذلك تحرص على اكمال المسار الذي بدأته حول لبنان عبر التفاهم مع سوريا، وهي لن تتوانى عن وضع اجندة مستجدة مع دمشق حول تطبيق مقتضيات في ملفه، او ان تعمد الى تحديث الاجندة المعروفة، والتي تعتبر ديبلوماسيتها ان دمشق طبقتها عبر تسهيل الانتخابات الرئاسية وتشكيل الحكومة واقامة العلاقات الديبلوماسية. وستعمل فرنسا على استمرار كل الأجواء الايجابية التي تبعد التوتر عن زيارة الرئيس نيكولا ساركوزي الى سوريا.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.