على الرغم من دخول الولايات المتحدة فعلياً مرحلة الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في الرابع من تشرين الثاني المقبل، فإنه من المبكر منذ الآن استشراف مؤشرات ما تمكّن من تحديد من سيكون في البيت الابيض في 20 كانون الثاني 2009.
اذ ان أوساطاً ديبلوماسية غربية تؤكد ان هناك عوامل عدة تقف وراء المزاج الاميركي وستؤدي دورها حتى موعد الانتخاب، من أبرزها: تسليط الضوء على الملفات القديمة لكلا المرشحين الجمهوري جون ماكين والديموقراطي باراك أوباما. ثم هناك اختيار المرشحين لمنصب نائب الرئيس، والفضائح التي قد تعلو، والوضع الاقتصادي داخل الولايات المتحدة والذي لم يظهر أي تحسن في ظل ما تبقى من عهد الادارة الجمهورية، وهي نقطة سلبية، انما تخطيها قد يتم عبر الحديث عن فضيحة ما.
ومعظم الداعمين لأوباما هم من الشباب الذين اذا عدلوا موقفهم يوم الانتخاب يصبح فوزه في خطر شديد. وما يهم لبنان ودول المنطقة هو ما سيعكسه عليهم الاستحقاق الانتخابي الاميركي، بحيث يتسم خطاب أوباما بالليونة والنبرة المغايرة لما طبعه خطاب الرئيس الحالي جورج بوش في سعيه الى تطبيق سياسته، لا سيما ما يتصل بمواجهة بعض الدول التي لا تتوافق أهدافها مع سياسته، ومقاطعتها، والتهديد بإزالة انظمة، او ازالتها فعلاً.
ففي الشكل، سيتبع أوباما اذا ما فاز، خطاباً مغايراً لبوش، لكن من غير المستبعد ان يكون مضمون سياسته مطابقاً لمضمون سياسة بوش للأسباب التالية:
ـ تأثير اللوبي الصهيوني الذي التزم به أوباما الى أقصى الحدود.
ـ كون أوباما من الاقليات، وكونه سيدافع منذ وصوله الى سدة الرئاسة عن أميركيته، وليبرهن انه أميركي في الصميم قد يتبع سياسة خارجية متطرفة تجاه دول او انظمة لإثبات مسألة انه ليس الاميركي غير الكاثوليكي او ليس الاميركي الاسود، حيث التعاطف مع القضايا التي تثير حساسية العالم الثالث، ما قد يضطره الى ممارسة سياسة متطرفة تعود في مفاعيلها لتشبه سياسة بوش. ومن المهم في مراقبة تحضيرات أوباما، تتبع اختياره للشخصيات التي ستكون مرشحة لديه لرسم سياسته الخارجية في حال فوزه، من مستشاريه في البيت الابيض ونوعيتهم، ومستشار الامن القومي، والمعاونين، وترشيحه المحتمل لمنصب وزير الخارجية. وهم يعملون الآن خلف الكواليس لمراقبة ما يجري في العالم، وتسجيل مكامن المصلحة الاميركية في كل ذلك، والخيارات المتاحة أمام الادارة الجديدة، وتحديد الاولويات.
ـ تظهر آخر استطلاعات الرأي في الولايات المتحدة ان موضوع العراق لم يعد الاساس الذي سيعتمده الشعب الاميركي ليختار رئيسه، فالوضع الاقتصادي وارتفاع اسعار النفط وإن تدنت قليلاً في الآونة الاخيرة، وهبوط سوق العقارات، والنظام الضرائبي والتأمين الصحي، كلها مواضيع سلبت موضوع العراق أهميته في سلسلة الاهتمامات لدى الاميركيين.
ـ إن المرشح الجمهوري جون ماكين وعلى الرغم من افتقاده الجاذبية وروح الشباب، الا انه لا يزال في ذهن الاميركيين يمثل المؤسسة وليس الثورة. فكيف ستتبلور الثورة التي يمثلها أوباما اذا ما غلبت مثلاً، خيار من يمثل المؤسسة؟، وهل ستكرس في مضمونها ما سعت الى تكريسه سياسة بوش؟.
ومن المهم بحسب الاوساط ان يقوم اللوبي اللبناني في الدولة العظمى بدور لدى معاوني اي مرشح للرئاسة من اجل التوعية على المخاطر المحدقة بلبنان، في حالتي التهدئة او الحرب في المنطقة.
فقواعد التهدئة الاقليمية ـ الدولية امر اساسي في الوضع اللبناني. فهل ستستمر في اطار مفاوضات مباشرة او بالوكالة بين واشنطن وكل من ايران وسوريا؟، وكيف ستنعكس على حلفاء الدولتين في لبنان وعلى تطور الموقف فيه، وهل ستؤدّي الى حل نهائي لمشكلاته، ام الى انصاف حلول؟. كذلك من الضروري اظهار المخاطر التي يواجهها لبنان في حال قيام نزاع مسلح اقليمي او دولي ـ اقليمي لا سيما ما يتعلق منها بردة فعل المنظمات المسلحة فيه على الداخل اللبناني.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.