تنعقد غداً الاربعاء القمّة اللبنانية ـ السورية، وسط ترقب عربي ودولي لما ستؤدي اليه من نتائج جوهرية تعيد صياغة العلاقات الثنائية بأسلوب جديد يلتزم احترام سيادة واستقلال البلدين وفي إطار المؤسسات الدستورية.
وأفادت معطيات ديبلوماسية ان المشاورات الخارجية حول القمة لحظت وجود آراء عربية ودولية متفاوتة في تفاؤلها أو تشاؤمها حول ما ستفضي إليه ولكل رأي مبرراته المنطقية والاقناعية، إلا انها في الوقت نفسه، تلقي مسؤولية كبيرة على الجانب اللبناني في النواحي المتصلة برمزية لقاء القمة، وطريقة التحضير له، وجدولة ما سيتم التفاهم حوله في القمة، وطريقة التعامل الداخلي، وتحديداً على طاولة الحوار المرتقب برعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، مع ما ستبلوره القمة، وتوحيد الموقف إزاءه. إذ ان أمام لبنان تحديات بالنسبة إلى مسك الأوراق السياسية التي سيكسبها من جرّاء المدى الذي ستصل إليه القمة في نتائجها، مروراً بدراسة الجدية والتي تؤشر إلى وجودها، التفاصيل البروتوكولية للقمة، وما إذا سيكون مسار التحضيرات والمتابعات عبر المؤسسات الدستورية، أو عبر شخصية محددة.
مع الإشارة إلى ان التحضير للقمة أظهر حتى الآن، تكريساً لدور الأمانة العامة للمجلس الأعلى اللبناني ـ السوري، في حين لم يزر وزير الخارجية اللبناني فوزي صلوخ دمشق للإعداد لزيارة سليمان واستشراف طبيعة البحث، والأجواء واحتمالات الردود على الطروحات اللبنانية، ووضع الأسس للمقررات التي قد تصدر عن القمة.
وعلى الجانب السوري، مسؤولية الالتزام بالتعامل مع المؤسسات لإظهار منحى العلاقات الندية، والاحترام المتبادل للسيادة والاستقلال، في مرحلة ما بعد القمة، لأن المعطيات تتوقع، ان تبرز دمشق إيجابيات كبيرة في عدد من المواضيع العالقة بين لبنان وسوريا، وأبرزها قضية المعتقلين اللبنانيين في سجونها، وإقامة العلاقات الديبلوماسية مع لبنان والوعود بترسيم الحدود من دون تحديد سبل ذلك، وموعده، فضلاً عن ان القمة ستكون انطلاقة لبناء الثقة بين البلدين وتنفيس الاحتقان. إلا انها ستعطي رئيس الجمهورية أوراقاً يمسكها بقوة، بغية إزالة بعض الالغام المتصلة بإشكالية العلاقات اللبنانية ـ السورية من أمام طاولة الحوار الداخلي التي تبدأ قريباً. وكذلك أمام مرحلة ما بعد الإدارة الأميركية الجديدة بحيث يفترض توحيد الكلمة والصف إزاء كل القضايا المطروحة. وبالتالي، سيكون أمام راعي الحوار، حيث العديد من القضايا المطروحة على تأثر مباشر بالعلاقات مع سوريا، وضع التوجه حيال هذه القضايا، وتثبيت القدرة على ضمان ملف شائك كهذا الملف، اي بحل عبر التوافق اللبناني الداخلي وليس عبر تمرير المراحل، وعبر تقريب وجهات النظر حيث التباعد يأخذ في الوقت الحاضر منحى ذا دلالة متعلقة بالاصطفافات التاريخية للاحداث، ومفاهيم السيادة والاستقلال بالنسبة الى كل منها. وعلى الجانب اللبناني تحويل نمط استئناف العلاقات مع سوريا من العلاقة مع شخص كما كانت على ايام الرئيس السابق اميل لحود، الى علاقة مع المؤسسات.
وبعد الايجابيات التي ستقدمها القمة للملف اللبناني، سترمى الكرة في ملعب اللبنانيين، الذين يجب ان يثبتوا قدرتهم على الالتقاء حول قضاياهم الوطنية، وهذا مطلوب على عتبة اقتراب ذكرى الاستقلال، حيث ستتكرس محطة فعلية لجمع اللبنانيين برعاية الرئيس سليمان، والوقت بدأ يصبح داهماً، لكن الايجابيات المتوقع تسليفها للرئيس من خلال القمة، لا تعني ان دمشق ستتخلى عن نفوذها في لبنان، او ان ما ستعلنه من خلال القمة سيأخذ طريقه الفورية الى التنفيذ، استنادا الى المعطيات. فالامور في الواقع لا تزال غير واضحة، ووضوحها مرتبط بآفاق السلام بين سوريا واسرائيل، ومدى الانفتاح الدولي على دمشق وظروفه.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.