لم تضع التطورات المستجدة في إسرائيل لدى تقديم رئيس الوزراء فيها ايهود اولمرت استقالته، الدولة العبرية وحدها أمام مرحلة جديدة، بل أيضاً الوضع الاقليمي الذي انطلق منذ مدة قصيرة بمناخات إيجابية ساهمت بعض المواقف الإسرائيلية في التأسيس لها، إن كان بالنسبة إلى عملية إطلاق الأسرى مع "حزب الله" أو التفاوض الإسرائيلي ـ السوري، غير المباشر، أو السعي الدولي لاستئناف السلام على المسار الفلسطيني ـ الإسرائيلي.
وتبعاً لذلك، أُضيف إلى المرحلة القائمة من الانتظار الدولي ـ الاقليمي الانتخابات الرئاسية الأميركية لبت مصير القضايا العالقة، مرحلة من الترقب لما سيؤول إليه الوضع الداخلي في إسرائيل، وما سيحصل فيها، بالتزامن مع الوقت المستقطع حيث تصعب التوقعات الحاسمة، الأمر الذي تعتبر مصادر ديبلوماسية بارزة، بأنه سيشكل عنصر تأخير للمناخات الايجابية التي سادت في الآونة الأخيرة في المنطقة. وسيشكل عنصر خربطة وليس تأخيراً للأجواء المريحة فحسب، إذا ما اندفعت أي جهة اقليمية إلى اللجوء إلى أي حركة أمنية ضد إسرائيل في هذه المرحلة. بحيث أن أي تحرّش بالدولة العبرية بالتزامن مع تحضيراتها لتكوين السلطة مجدداً، سيستتبع رداً من جانبها، خصوصاً وأنه في حالات المعارك الانتخابية الداخلية والحزبية، فإن أي تحرّش خارجي، يدفع بالسياسيين إلى الرد بالتصعيد، لاستعمال ذلك رسالة إلى الداخل، دعماً للمواقف الانتخابية، في إطار الصراع على السلطة. وهذا الموضوع كان محور اتصالات دولية وعربية على أعلى مستوى أخيراً.
على أن المصادر تستبعد في حال لم تتعرض إسرائيل لأي عمل ضدها، أن تتحرك هي أمنياً في اتجاه الخارج، فهي تقوم بالاستعدادات في اتجاه تشكيل الحكومة الجديدة، مروراً أولاً بانتخابات حزب "كاديما" في أيلول المقبل. والأسئلة المطروحة هي هل يبقى الحزب هو المسيطر انتخابياً، أم أنه سيواجه التعثر، وإذا ما تعثر مَن سيحلّ مكانه في السلطة الليكود أو العمل. ولكل من هذين الحزبين خياراته التي تختلف عن الثانية. وستحسم إسرائيل المرحلة الجديدة التي دخلتها لدى صدور نتائج انتخابات "كاديما". ولعل أبرز استحقاق سينتظر الوضع الإسرائيلي، هو مؤتمر موسكو للسلام الشامل في المنطقة، الذي عاد ليحظى أخيراً بموافقة كل الأطراف على المشاركة فيه بمن فيهم إسرائيل. والمؤتمر كان يعد لانعقاده في نهاية تشرين الأول المقبل أو بداية تشرين الثاني أي قبل الانتخابات الأميركية بأيام أو ساعات.
فإذا ما سارت الأمور الإسرائيلية من دون عراقيل، وشكلت الحكومة الجديدة في أيلول، فإن مؤتمر موسكو يبقى في موعده. ومن الآن وحتى دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك ستتضح الصورة، وسيكون تحديد هذا الاستحقاق، ملقى على عاتق الرباعية الدولية التي ستنعقد على هامش أعمالها.
وفي هذا الوقت، تحافظ كل من طهران ودمشق على الأجواء الإيجابية التي سادت الوضع الاقليمي. وقد كرّست القمّة الإيرانية ـ السورية استمرار أجواء الانفراج الدولي ـ الاقليمي، مع تأكيد الطرفين على حقوقهم الاقليمية بأسلوب غير متطرّف. في ظل التوازن الدولي في توسيطهما كل على حدة مع الأخرى في المواضيع العالقة في المنطقة، وأيضاً في ظل مفاوضاتهما الدولية القائمة، أو التي لها أبعاد دولية، عبر تركيا، أو عبر الاتحاد الأوروبي، بما فيها أدوار فرنسا وروسيا في ذلك. وبالتالي، هناك رغبة من جانبهما بتمرير المرحلة الإسرائيلية المستجدة، والأميركية المتوقعة، بأقل خسائر ممكنة، استعداداً للتوظيف السياسي لدى تسلم الإدارة الجديدة الحكم في الولايات المتحدة. ومنذ بداية الشهر المقبل سيزداد الجمود في التعامل الأميركي مع القضايا المطروحة، لأنه عندها يكون بداية الدخول الفعلي في فترة الاستحقاق الانتخابي.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.