يسود الإدارة الأميركية في مرحلة الجمود النسبي على مستوى سياستها الخارجية، نقاش لخيارين يمكن اعتمادهما من الآن وحتى تسلم الرئيس الجديد مقاليد الحكم أول السنة المقبلة.
الأول، وهو الذي يبدو الأوفر حظاً، استناداً إلى مصادر ديبلوماسية بارزة، ويقول بضرورة الانفتاح على إيران، ولو موقتاً، لحل بعض الأزمات، ولإضفاء ايجابية على الأوضاع في عدد من المواقع في المنطقة. وهذا ما تسجل إنعكاساته الايجابية، في لبنان والعراق وفلسطين لناحية التهدئة وتراجع التشنج.
وتعتبر الإدارة هذه الإنعكاسات، إنجازات، وان الوضع في هذه المواقع ليس سيئاً على الاطلاق، وهو أدى في لبنان إلى نزع أوراق تبادل الأسرى، وعدم وجود أي إشكالات على التمديد سنة جديدة للقوة الدولية العاملة في الجنوب "اليونيفيل" بموجب القرار 1701 هذا الشهر، وطرح موضوع تحرير مزارع شبعا بواسطة العمل الديبلوماسي الدولي بعدما كان ذلك بمثابة مسألة ممنوع التحدث بها، بغض النظر عن الصعوبة الكامنة وراء تغيير موقف إسرائيل حيال شبعا حتى الآن.
وفي السياق نفسه، تعتبر المصادر، ان هذا الخيار يمثل خيار وزارة الخارجية الأميركية، الذي يرجح عدم عرقلته من جانب الرئاسة.
ففي لبنان هناك دعم للحكم وللحكومة برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة، وبدأت قوة الجيش تتعزز أكثر، وسجل خطاب الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله انطلاقة لمرحلة اخرى، ليس على المستوى السياسي، فحسب، بل أيضاً في المعنى العسكري. وفي العراق، تعتبر الديبلوماسية الأميركية، ان الأوضاع تتقدم نحو الأفضل، وهذا لا يمكن تجاهله، وكذلك بالنسبة إلى تراجع نشاط "حماس" في فلسطين، فضلاً عن ان المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية ستستمر في ظل الحكومة الإسرائيلية الجديدة والتي ستحظى بدعم أميركي، والمفاوضات السورية ـ الإسرائيلية تسير من دون ممانعة أميركية لا عليها، ولا على الانفتاح الأوروبي والفرنسي تحديداً، على دمشق.
أما الخيار الثاني، الذي يشق طريقه وسط حظوظ غير سهلة لنجاحه، فيقول بضرورة المثابرة في المواجهة، ويجب الذهاب فيها حتى النهاية قبل ان تنتهي ولاية الإدارة الحالية، ما يُلزم الشعب على الالتفاف حول إدارته. ومن بين الأسباب التي تقلل من حظوظ هذا الخيار، ان الرئيس جورج بوش وفي إطار دعمه لايصال المرشح الجمهوري جون ماكين إلى البيت الابيض، يفضل ألا يترك له أوضاعاً تصعيدية أو فوضى ما، بل أن يترك له مادة دسمة يمكن من خلالها ان تشكل عناصر تقوّي سياسة الحزب في موقع الرئاسة داخلياً وخارجياً.
وبالنسبة إلى لبنان، تهتم الإدارة بموضوع الانتخابات النيابية، وترصد تطور الخريطة على الأرض لناحية موقف الرأي العام واتجاهاته.
وتلجأ إلى المراقبة والمتابعة الذاتية، مع الاستفسار عن قوة الافرقاء واستعداداتهم من مصادرهم. ولن تتخلى عن دعم الاستقلال والسيادة بطريقة لا تثير الحساسيات الداخلية. من هنا تأتي أهمية مراقبة الإدارة لموضوع الاشتباكات التي تتجدد في طرابلس كل فترة، ومتابعتها للوضع في بيروت لا سيما في ضوء المعطيات التي أشارت اليها أحداث أيار الماضي، وهي وضعتها في الإطار الذي يحمل دلالات متصلة بقوة الشارع، ولم تشأ ان تصدّق انها جاءت في السياق السنّي ـ الشيعي الذي توترت أوضاعه خلال تلك الفترة.
وتفيد المصادر بأنه يجب ألا يفاجأ العالم أو دول المنطقة إذا ما حصلت تطورات ايجابية جداً بين الولايات المتحدة وإيران من الآن وحتى نهاية السنة الحالية. والامثلة أمام الجميع حاضرة، من الأداء الليبي إزاء المجتمع الدولي، وأداء كوريا الشمالية أخيراً.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.