في الوقت الذي يؤكد وزراء في الحكومة إنجاز البيان الوزاري خلال الساعات القليلة المقبلة، وما يمثله من بداية مرحلة جديدة من العمل الدستوري للمؤسسات، تبدي معطيات ديبلوماسية موثوقة، قلقاً لدى دول صديقة للبنان ومهتمة بإنجاح التفاهم والتلاقي بين اللبنانيين، خشية من دخول عناصر سلبية على خط الاسترخاء السياسي والأمني الحاصل من شأنها تعكير الأجواء القائمة.
إذ تفيد هذه المعطيات ان على المسؤولين التنبّه إلى دقة الوضع لناحية حصول مفاجآت وأحداث غير متوقعة، ما يتطلب أن يبقى الشعور بالاسترخاء حذراً، وهو ما يفترض أن تكون المرجعيات السياسية اللبنانية مدركة له، وتتحوّط لاحتمالات حصوله.
وهناك عاملان أساسيان وراء هذه المعطيات، الأول متصل بوجود الأيدي الشريرة والأخرى غير السعيدة وغير المرتاحة، لما تحقق في لبنان منذ اتفاق الدوحة حتى اليوم حيث الفارق الكبير بين الوضع اللبناني منذ التوقيع على هذا الاتفاق، وما وصل إليه حالياً نتيجة الأجواء الإيجابية الداخلية والخارجية. وهذه الأيدي لا يمكن الركون إلى نواياها وإلى ما يمكن أن تقوم به سعياً إلى خربطة الأمور وعرقلة أجواء التهدئة والاستقرار. والثاني انه بعد إطلاق الأسرى بين "حزب الله" وإسرائيل، ليس واضحاً لدى المجتمع الدولي ما الذي تخطط الدولة العبرية للقيام به من أجل الدخول مجدداً على الخط اللبناني، أو على مسائل ذات تأثير كبير على أجواء المصالحة اللبنانية، ما يستدعي متابعة لبنانية على أعلى المستويات لتثبيت فرص الاستقرار والإيجابية، بعدما أرسيت الأسس الملائمة دولياً واقليمياً عبر ما يلي:
ـ اتفاق الدوحة، وما يرتقب من رعاية رئيس اجلمهورية العماد ميشال سليمان للحوار الوطني، بعد نيل الحكومة الثقة على أساس بيانها الوزاري، بحيث من المتوقع صدور قانون جديد للانتخابات النيابية من دون عراقيل، وإحداث واقع جديد في العلاقات اللبنانية ـ السورية تنعكس إيجاباً على المناخ الداخلي.
ـ الظروف الدولية ـ الاقليمية التي تزداد انفتاحاً، وهناك تهيئة لحوار أميركي ـ سوري، بعد انطلاقة الحوار الأميركي ـ الايراني، ومن الضروري أن يستفيد لبنان من هذه المرحلة، وأن يعمل بالتزامن على تحصين الداخل وتوحيد الصف، لكي لا يترك للمتضررين الدخول على خط التطورات في البلاد والتأثير سلباً في مجرياتها.
ـ ان الدور الذي أعطي لأوروبا ولفرنسا تحديداً، في مرحلة اللاحسم الأميركي، ساهم في تهدئة الموقف الدولي ـ الاقليمي، وتبريد الأجواء إن بالنسبة إلى الملف اللبناني أو العراقي أو في الشرق الأوسط ككل. وواكب ذلك جهد روسي كان ميالاً منذ البداية إلى هذا النوع من التهدئة، وسجل ارتياح روسي لما تحقق في كلا الملفين.
وتعوّل الأوساط الديبلوماسية البارزة على الحوار الداخلي الذي سيرعاه الرئيس سليمان، وعلى فرصة وجوده رئيساً توافقياً قادراً على جمع اللبنانيين وعلى استثمارهم للمناخ الإيجابي الاقليمي ـ الدولي، فتتجسّد الوحدة التي تمنع على أي طرف الاستعانة بالخارج، وتشكل حصناً منيعاً يُبعد تلاعب الخارج بالوضع اللبناني، واعتماده ساحة صراع.
كما تعوّل الأوساط على أبعاد الجولة العربية التي سيقوم بها الرئيس سليمان، وعلى اطلالته الخارجية الدولية من خلال مشاركته المرتقبة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة منتصف أيلول المقبل، ذلك ان الاثنين يشكلان محطتين لاستكمال العمل لارساء التقارب الداخلي وتخفيف احتمالات التوتر عن الوضع اللبناني، عبر السعي إلى تذليل أي عقبة عبر العمل الديبلوماسي والتشاور البنّاء.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.