ينتظر ان تحدّد المشاورات اللبنانية ـ السورية على أعلى مستوى، الموعد النهائي للزيارة التي سيقوم بها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان إلى دمشق تلبية للدعوة الرسمية من الرئيس بشار الأسد، والتي تسلمها أمس من وزير الخارجية وليد المعلّم.
وتتوقع مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، ان تتم الزيارة في أقرب وقت، وان تكون استهلالاً لجولة الرئيس سليمان العربية، خصوصاً وانه يتولى شخصياً موضوع تحسين العلاقات مع سوريا العربية، مع الإشارة إلى ان الزيارات العربية كلها تأتي في إطار تجميع الدعم العربي للبنان وتجديده، والسعي إلى إعطاء كل الفرص الممكنة أمام استعادة لبنان مناخ الاستقرار والتهدئة الذي بدأ، ويستمر لأشهر، فضلاً عن السعي إلى تعزيز كل الاتصالات والمشاورات التي تُبعد الضرر عن لبنان سياسياً وأمنياً، وتُحيّده عن الأخطار.
ومما لا شك فيه أن انطلاقة العلاقات اللبنانية ـ السورية، ستكون تحت المجهر الدولي، وخصوصاً الفرنسي، حيث المتابعة المكثّفة لهذا الملف في ضوء ما شهدته القمّة المتوسطية في باريس من مواقف ولقاءات قمّة، تعكس وجوب إحداث واقع جديد في هذه العلاقات. لذلك، هناك أمل فرنسي كبير بحصول خطوة جوهرية في هذه العلاقات تتخطى موضوع الإعلان الرسمي فقط عن إقامتها بين البلدين، إلى ما يكرّس هذا المطلب الذي يؤشر إلى بدء التعامل بينهما على أساس استقلال كل دولة وسيادتها، ووفقاً لمعايير الشرعية الدولية والقانون الدولي. والخطوة المأمولة من باريس ستحدّد مصير زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى دمشق في أيلول المقبل، وآفاق الانفتاح الفرنسي على دمشق.
وحرصت المصادر على إبراز نقطتين أساسيتين في مرحلة التحضير للقمّة اللبنانية ـ السورية وما بعدها. الأولى: تكمن في ضرورة تفاهم اللبنانيين وتوافقهم حول الإطار العام لهذه العلاقات والمدى الذي ستصل إليه. وهي مسألة تحتاج إلى قرار سياسي لبناني واضح وجامع. وهذا ما ينعكس على طريقة بلورة العلاقات الجديدة وإنتاجها بما يحفظ الاحترام المتبادل بعيداً من ان تكون موضع خلاف لبناني. مع العلم ان ليس لدى دمشق في المقابل فريق داخلي يتحدث عن الاستقلال والندية والسيادة ضمن العلاقات، أو يمكنه ذلك، لكي تكون التأثيرات على العلاقات من داخل البلدين خاضعة لظروف مشابهة. وتنسحب مسألة القرار السياسي المطلوب لبنانياً، على التعامل مع من يجب أن يمثل المرجعية في العلاقات بين البلدين، السفارة أم المجلس الأعلى، وهل يمكن لأي سفارة ان تقبل بأن تكون حدود عملها تخليص المعاملات البسيطة في ظل سلطة أكبر منها في العلاقات بين البلدين هي المجلس الأعلى أو اللجنة المشتركة، أم سيتم إلغاء كل الاتفاقات السابقة، أو تعديلها، وإعادة البحث في إطار مرجعية السفارتين أساساً؟.
أما النقطة الثانية، فهي ان الانطلاقة الحالية لاستئناف العلاقات بين البلدين، سجلت بداية ملفتة في الشكل، ان لناحية توجيه الدعوة للرئيس، أو لناحية القول بالعلاقات بين البلدين، والذي يؤشر إلى الاعتراف بالسيادة على الرغم من انه يلزم الاستفسار عن القصد من "التكامل" في هذه العلاقات، وما إذا كانت بديلاً لـ"التمايز" و"الاخوة" أم يقصد بها منحى أكثر تطوراً من وجهة النظر الاقتصادية، والتشاور السياسي الإرادي. وبالتالي، فإن مسار العلاقات في المرحلة القريبة، سيعطي دلالات كبيرة حول النوايا وترجمتها العملية. وان أي جدية وشفافية ستظهر من خلال التفاوض السريع على إنهاء كل ما يعيق احترام سيادة البلدين، في حين ان إبقاء الملفات عالقة يعني ان لا حل جدياً في الأفق. ولا بد للقمة اللبنانية ـ السورية ان ترسي الخطوط العريضة للعلاقات المستقبلية المنشودة بين البلدين والتي لا يمكن ان يخرج بها لبنان عن خطاب القسم.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.