بدا الغياب السعودي عن الحركة الديبلوماسية الدولية ـ الاقليمية، لا سيما من حيث استعادة العلاقات الفرنسية ـ السورية نشاطها، الحاضر الأبرز، ذلك أن ردّة الفعل السعودية أياً تكن حيال ما يحصل، تبقى جوهر المؤشر، بحيث تدور الاتصالات البعيدة عن الأضواء حول ضرورة انتظاره لاستشراف المدى الذي ستبلغه هذه المستجدات، وما إذا ستكون شديدة التأثير على واشنطن أم لا.
وعبر ردّة الفعل السعودية المنتظرة خصوصاً من دمشق، سيتبين لاحقاً ما إذا كانت السياسة السورية قد نجحت في المحصلة في جرّ إسرائيل وفرنسا ومصر إلى الاتصال بقيادتها، والنجاح مرتبط بتحقيق الأهداف وقدرة تلك الأطراف، التي تتفاوت فاعليتها، في الالتزام بتقديم ما يهم هذه القيادة.
وتفيد أوساط عربية معتمدة في العاصمة الأميركية، أن المملكة هي التي يمكنها القيام بالدور الضامن للحلول في المنطقة، خصوصاً أنه من المعروف أن دمشق تهدف في النهاية إلى محاورة الإدارة الأميركية، ولا تعتبر كل ما يحصل كافياً لإعطائها ما تحتاجه ومداه الأبعد استمرارية النظام. ويمثل الدور السعودي في هذا الإطار، أحد مؤشرات المنحى الذي تتخذه الإدارة الأميركية. وبما أن هذا الدور يدرك تماماً ما يحصل في المنطقة في هذه المرحلة، إذ طالما لم ينفتح بعد على دمشق فإن سقف الحركة الديبلوماسية الناشطة تبقى دونه علامات استفهام كبيرة. واستناداً إلى الأوساط، فإنه في حال لم ترغب واشنطن الحديث أو الحوار مع دمشق، كانت البديل السعودية. فكيف إذا لازمت الصمت بسبب كل مجريات التطورات السابقة. فمن هي الجهة التي يمكن أن تضمن وأن تنقذ من الحروب أو التهديدات القائمة، والتي، في الوقت نفسه، يمكنها أن تفتح الشرعية السنّية أمام النظام العلوي، وسط دلائل حول عدم وجود انفتاح سعودي ـ سوري قريب، مع ما يفهم من ذلك، الموقف الأميركي الذي لا يزال يقفل الطريق أمام دمشق، على الرغم من كل محاولات إسرائيل واللوبي اليهودي في الولايات المتحدة لإقناع الإدارة بعدم حشر النظام السوري والانفتاح عليه خصوصاً في مرحلة التفاوض مع إسرائيل. وعلى العكس استمرت الولايات المتحدة على موقفها الذي يعتبر أن دمشق لا تريد أو أنها غير راغبة أو غير قادرة على التعاون.
وتتوقع الأوساط، أن تستمر دمشق في المرحلة المقبلة بتقديم تنازلات في الشكل وليس في المضمون، لأنها لن تقدم تنازلات حقيقية إلا للإدارة الأميركية، وأن أي مواقف إيجابية على صعيد لبنان بدءاً بالعلاقات الديبلوماسية، واستكمال تنفيذ اتفاق الدوحة صيغت بطريقة مشروطة مع استئخار في التنفيذ حتى تحقيق عناصر معينة، لأن دراسة الموقف السعودي جيداً تؤشر بالنسبة إلى دمشق إلى أن المكانة العربية لا تزال على المحك، والموقف الأميركي لا يزال هو نفسه. لكن التجاوب مع المحاولة الفرنسية لن يكون خطأ من أجل فك العزلة الدولية.
وبالتالي، أدركت دمشق أن التقييم الدولي للعزل والمواجهة الشاملة أثر على لبنان سلباً، وأنه في الوقت المستقطع لحين انتظار محطات دولية عدة أهمها الانتخابات الأميركية، ترغب فرنسا ومعها دول أوروبية بإعادة الاتصال بسوريا لتمرير المرحلة بأقل الأضرار على لبنان، ولو كان ذلك غير مبني على قناعة بأن دمشق باتت دولة متعاونة، وتبعاً لذلك تحاول فرنسا الحصول على نتائج في لبنان بالحوار لم يكن ليتم الحصول عليها بالمقاطعة، خصوصاً عند تطبيق بنود القرارات الدولية واتفاق الدوحة الذي يشتمل على بعضها. وبسبب إدراكها هذا، ستظهر دمشق إيجابية، إنما ستبقى غير جوهرية إلا إذا حققت ثمناً لها، ومن ضمن ذلك الرهان على الانتخابات النيابية المقبلة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.