8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

باريس تطلق اول "حوار رسمي" بين لبنان وسوريا برعاية ساركوزي

وسط أجواء وضع الرسائل السورية التي انطلقت للتعاون في أكثر من اتجاه، تحت المجهر الفرنسي والدولي، والرغبة السورية في أن تتلمّس من باريس الطريقة التي سيتم فيها صرف الخدمات التي قدمتها دمشق على مستوى الملف اللبناني، رئاسة وحكومة، تنعقد القمة اللبنانية ـ السورية اليوم بمظلة فرنسية ورعاية مباشرة من الرئيس نيكولا ساركوزي.
وتشكل هذه المحطة بالمعنى الديبلوماسي، وفقاً لمصادر ديبلوماسية غربية بارزة، فتح الحوار الرسمي بين البلدين، حيث الدور الأساسي فيه من الجانب اللبناني، لرئيس البلاد، لما يحمل ذلك من رمزية واضحة لبنان كبلد مستقل ذي سيادة وكيان، وحيث للرئاسة فيه دور وموقع رئيسي في مجال السياسة الخارجية، أكانت متصلة بالدول العربية أو غير العربية.
كذلك فإن لهذه القمّة دلائل عدّة، أبرزها ما هو منتظر من الرئيس ميشال سليمان ان يبلوره على صعيد تنفيذ خطاب القسم بخطوات عملية وواضحة، وفي كل النواحي ولعل أهميتها هنا تكمن في موضوع العلاقات اللبنانية ـ السورية، وما شمله الخطاب، ثم التمهيد لهذه القمّة باتصالات هاتفية بين الرئيسين سليمان والأسد، ستتوّج بأول لقاء رسمي بينهما كرئيسين.
كذلك، من شأن هذه القمة أن تطلق الحوار السياسي بين البلدين عبر المؤسسات ممثلة برئيس البلاد الذي يعود له وللحكومة تحديد الصلات وطبيعتها في اطار العلاقات الثنائية بين الدولتين وليس الأحزاب بعدما كانت غائبة خلال المرحلة الماضية، ما يؤثر إيجاباً على مسلكية هذه العلاقات وعلى امتداداتها الاقتصادية والإنسانية، بما في ذلك حركة الحدود. مع الفصل في ذلك عن موضوع المحكمة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري التي تأخذ مسارها من دون أي تأثيرات سياسية.
إلا أن مرحلة ما بعد القمة الثلاثية اللبنانية ـ السورية ـ الفرنسية، ستكون محكومة بتطوّر الموقف بين سوريا وفرنسا. وتفيد أوساط غربية ان هناك تفاؤلاً تبديه أكثر من عاصمة فاعلة، بأن ينتج عن القمة الفرنسية ـ السورية تعهّد من الرئيس السوري بشار الأسد بالابتعاد عن إيران في حال حصل تقدم في المفاوضات بين بلاده وإسرائيل. وفي مثل هذه الحالة، ستقوم الدول العربية المقتدرة بدعم دمشق خصوصاً على المستوى الاقتصادي، حيث ستضخ الأموال للاقتصاد السوري، ويرتكز هذا الأمل على التفاوض الجاري بين دمشق وتل أبيب حول السلام. في حين أبلغت باريس إلى وزير الخارجية السوري وليد المعلم الأسبوع الماضي خلال زيارته إليها، وخلال نقاش موضوع المحكمة الدولية، انه لا يمكن بت هذه المسألة وأن الموضوع مرتبط بمجلس الأمن وبالتحقيق وبمسار العدالة الذي لا يمكن التأثير فيه.
والابتعاد السوري عن إيران، يقوم على وقف دعم "حزب الله"، لاسيما إذا ما استمر الحزب في العمل وفقاً لأجندة إيرانية، بحيث انه إذا ما تعرّضت إيران لهجوم أو حصار لا يعود ضغط حلفائها ذا جدوى، في ظل تعهدات سورية من هذا النوع.
ولا تتوقع هذه الأوساط أن تقدم دمشق على خطوة تحمّلها التزامات تطال تحالفها مع ايران قبل ظهور الحكم الجديد في واشنطن. وفي هذا الوقت ترسل دمشق رسائل سياسية متعددة الجوانب على المستوى الدولي، بهدف جسّ النبض الفرنسي حيالها، ورمي استعداداتها على طاولة أي حوار دولي معها، والسعي لبدء قطف الثمار واستعجال ذلك من باريس. وبدأت الرسائل بالملف اللبناني والقبول بتحييده عن التداعيات الاقليمية موقتاً لكسر الجمود عبر تنفيذ اتفاق الدوحة. ثم ما يتعلق منها بالسلام مع إسرائيل، فضلاً عن قدرتها على التعاون في قيادة مكافحة الإرهاب.
وبحسب الأوساط، ان القصد السوري من مكافحة الإرهاب، الحركات غير المنضبطة في المنطقة والتي يمكن ضبطها عبر التنظيمات المسلحة المعروفة مثل "حزب الله" و"حماس". ويحمل هذا القصد تلميحاً إلى المصدر العربي الخليجي لبعض الدول لمثل هذه الحركات الأصولية. لما لدمشق من دور في محاربتهم في الداخل السوري وفي لبنان سابقاً، وفي استضافتها للتحقيقات الأميركية التي أعقبت أحداث 11 أيلول الشهيرة، والقدرة على تقديم المعلومات، وليس لدى دمشق وواشنطن المفهوم نفسه للإرهاب حيث يدخل في اطاره المقاومة ولا تفريق أميركي وغربي إلى حد ما بين الاثنين.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00