يدور نقاش داخل الأمم المتحدة حول ما إذا كان التمديد لمهمة لجنة التحقيق الدولية المستقلة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري حتى نهاية السنة الجارية، سيكون للمرة الأخيرة. ويدور أيضاً حول مستقبل وتوقيت بدء عمل رئيس اللجنة دانيال بيلمار في منصبه المرتقب مدعياً عاماً في المحكمة الخاصة بهذه الجريمة، وعلاقة الأمر باستكمال التحقيق توصلاً إلى أدلة واضحة.
ويتبين من خلال المشاورات الجارية أن هناك تفضيلاً للانتقال إلى المرحلة الأخرى، أي مرحلة التحقيق في إطار إطلاق مهمة مكتب المدعي العام في المحكمة لدى انتهاء الولاية الحالية للجنة وعدم تمديد ولايتها مجدداً. بحيث أنه وفقاً لأوساط ديبلوماسية بارزة، إذا كان التحقيق قد انتهى من الآن وحتى نهاية مدة اللجنة بصدور القرار الاتهامي، تتم المباشرة بالمحاكمة عبر المدعي العام ومكتبه وجهاز المحكمة ككل. أما في حال لم ينتهِ التحقيق بالكامل، فيتولى المدعي العام في المحكمة استكماله.
وتبعاً لهذا الاحتمال، ليس بالضرورة أن تبدأ المحاكمة مع التحقيق، بل يتم إنهاء التحقيق في ظل المحكمة، على أن تبدأ المحاكمة بعد ذلك. وبالتالي تبدأ المحاكمة بعد توفر الأدلة الكافية واكتمال ملف التحقيقات.
وعند تنفيذ هذه الأفضلية لاحقاً كما هو متوقع، سيتكامل العمل في التحقيق، بين المقر الأساسي للمحكمة في هولندا، ومركزها في بيروت الذي يفترض أن يتم تفعيله في ضوء أي قرار تتخذه الأمم المتحدة في شأن مباشرة مكتب المدعي العام مهمته وعلى أي أساس من اثنين: استكمال التحقيق أو البدء بالمحاكمة.
مع الإشارة إلى أن الهاجس الأمني موجود بالنسبة إلى افتتاح مقر المحكمة في بيروت، وأن احتياطات قصوى ستُتخذ في هذا المجال، لتأمين سلامة التحقيق أو المحاكمة. ويذكر أن مكتب بيروت للمحكمة هو عملياً موجود، ويعمل في إطار لجنة التحقيق حتى الآن.
ولا تترقب الأوساط، أن يصرّ رئيس لجنة التحقيق خلال تقريره في أيلول المقبل على التمديد ستة أشهر أخرى لعمل اللجنة، خصوصاً أن تقدماً كبيراً يحصل في مجريات التحقيق، وفي ضوء التوجه العام لدى الأمم المتحدة، من خلال استمزاجها لآراء الدول الفاعلة، بضرورة أن تبدأ المحكمة عملها، وإن كان ذلك عبر إكمال ما يجب إكماله في التحقيق قبل أن تبدأ بالمحاكمة.
وتبعاً لذلك، ربما كان تقريره في أيلول هو الأخير للجنة.
وكان بيلمار زار أخيراً نيويورك وعقد مباحثات مع المسؤولين الكبار في المنظمة الدولية، تناولت سبل التعامل مع المرحلة المقبلة في ضوء عدم التمديد للجنة، من دون أن يتحدث أحد معه عن مضمون التحقيق كتفاصيل، وهو أمر يمتنع عن الكلام عنه لاتباعه الأصول القانونية التي تؤكد سرية التحقيق. إلا أن بيلمار طلب من المنظمة أن توفر للجنة موارد مالية وبشرية إضافية خصوصاً محققين جدداً، بحيث يصبح عددهم نحو 200، ما يفيد عمل اللجنة حالياً. وكذلك المرحلة المقبلة أياً تكن. ويُشار إلى أن عدد المحققين كان تناقص لا سيما مع انتهاء ولاية كل رئيس للجنة. ويعود ذلك إلى سبب متصل برؤيتهم لمستقبل عملهم، وميلهم إلى الاستقرار في ذلك بدلاً من الخضوع لتمديد سنوي أو نصف سنوي لعقودهم. ومن شأن بت مصير اللجنة وتحويل التحقيق إلى مكتب المدعي العام في المحكمة، تثبيت هؤلاء في عملهم مدة لا تقل مبدئياً عن مدة المحاكمة وهي 3 سنوات، لأنهم يصبحون في الوقت نفسه من جهاز المحكمة الأساسي، ما يساعد في استقرارهم.
ولا بد أن الأبعاد القانونية للقرارات الدولية التي تحكم عمل اللجنة والمحكمة والمحاكمة، تُدرس بعمق. ذلك أن أي رفض للتعاون مع المدعي العام في مرحلتي التحقيق أو المحاكمة سيفرض العودة إلى مجلس الأمن وعمل المقتضى وصولاً إلى اللجوء إلى الفصل السابع في إطار قرار جديد. مع الإشارة إلى أن عدم اندراج المحاكمة تحت الفصل السابع لا يعني أن عدم اللجوء إليه أمر صعب، بل هو وارد إن اقتضى الأمر، في وقت يجري عمل اللجنة تحت إطار الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.