8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

تبادل الأسرى امتحان أمام "حزب الله" في الجديّة مع الخارج والتوظيف في الداخل

تجري أكثر من عاصمة عربية وغربية تقييماً لعملية تبادل الأسرى المرتقبة، بين "حزب الله" وإسرائيل، والظروف الاقليمية والدولية التي تتم في ظلها، وانعكاسات ذلك على تطور الموقف الداخلي في لبنان، لا سيما لناحية تسهيل تشكيل الحكومة وتسريعها.
وتفيد أوساط أوروبية بارزة، أن دراسة هذا الحدث، لا بد أن تكون متصلة بمسألتين تتراوحان في مفاعيلهما بين الايجابية وعلامات الاستفهام الكبرى، وهما: أولاً: إن التبادل يتم بناء على تفاهم أميركي ـ إيراني، وجاء بعد نجاح خطوة أوروبية في اتجاه قبول طهران وقف تخصيب اليورانيوم لمدة ستة أشهر، أي من الآن وحتى مطلع السنة الجديدة، حيث تكون مرّت مرحلة الانتخابات الأميركية لاختيار رئيس جديد للولايات المتحدة وتسلمت الإدارة الجديدة السلطة، مع ما سيرافق ذلك من تموضعات اقليمية ودولية، مع وضعها لسياستها الخارجية.
وثانياً، إن تبادل الأسرى ينعكس ايجاباً على تأليف الحكومة اللبنانية العتيدة وتسريع ذلك. إنما هذه الايجابية لا تقل مستوى وأهمية عن "الانتصار" السياسي الداخلي الذي سيحققه "حزب الله" من جراء استرجاع الأسرى من السجون الإسرائيلية، مع ما يحمله ذلك من دلالات على قدراته التفاوضية غير المباشرة مع إسرائيل.
إلا أن الأنضار الخارجية والداخلية تتجه الى كيفية استخدام الحزب لهذا الانتصار وتوظيفه، وسط أكثر من تساؤلات عما إذا كان توقيت العملية خارج المكان والزمان اللذين يحكمان هذه المرحلة في الأساس، وفي ظل حركة أميركية غير واضحة المعالم في المنطقة، بدأت بعد الجولة الأخيرة لوزيرة خارجيتها كوندوليزا رايس، وشملت لبنان، وكذلك تأتي العملية في ظروف غير معروفة النتائج على صعيد التجارب السابقة بين المجتمع الدولي وكل من سوريا وإيران حول المطالب والالتزامات، خصوصاً إذا ما كان لإسرائيل أيضاً علاقة بمواضيعها.
ذلك أنه إذا ما وظف الحزب والمعارضة معه هذا "الانتصار"، من زاوية حزبية أو فئوية ضيقة، سيكون الفشل في الانتظار. فعلى طاولة الحوار "اللامشروط"، بحسب الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، هناك الأوراق السياسية، فهل أيضاً لن تكون هناك مشكلة؟. وعلى المستوى الخارجي هناك مشكلة، بحيث أنه لدى انتزاع كل مسببات التعقيدات في المسائل بين لبنان وإسرائيل بدءاً بالأسرى، ومن ثم مزارع شبعا، فإن أي تحرك أمني أو عسكري لاحق يطال مصالح إسرائيل وخصوصاً على الحدود سترد عليه إسرائيل بشراسة وسيقف العالم بأسره معها. وعندها تكون المرحلة أصعب من الآن، مع العلم أنها قد تبتدع أي تحرك لحصول تطور ما، وانتظار ردة فعل الحزب عليها لاحقاً. وتبعاً لذلك، فإن موضوع اختطاف إسرائيل الراعي اللبناني قبل أيام، هو اختبار للمدى الذي يناور الحزب خلاله، وللجدية في اتباع ما يتم الاتفاق عليه في فترة التفاوض حول تبادل الأسرى.
وصعوبة المرحلة المقبلة، بعد انتهاء قضية الأسرى، وشبعا، تكمن في أن إسرائيل لن تقبل على حدودها الشمالية بقدرات عسكرية تهدد أمنها في أي لحظة. فضلاً عن أن الملف الفلسطيني لم ينجز بعد معها ثم إنها تعتبر أن المقاومة لم تعد تملك ورقة الغطاء الداخلي اللبناني، التي كانت تتمتع بها قبل الآن. ونظراً الى العنصر الأخير تحديداً، يجهد نصرالله لتوفير التوظيف الوطني لتبادل الأسرى، مقروناً بحوار من دون شروط وانفتاح على التفاهم، ما يعني أن ذلك، يشكل محاولة مستجدة لإعادة ترميم الخسائر السياسية واستعادة التقارب في وجهات النظر بين اللبنانيين.
ويأتي هذا الموقف بهدف استثمار ما سيحصل على خط بحث الاستراتيجية الدفاعية خلال الحوار الوطني المرتقب، بحيث يسعى الى قبول الجميع بمبدأ البلد المقاوم، وتحقيق شرعية المقاومة مجدداً. ذلك أن الاستراتيجية ستعنى بتحديد العدو ومن هو، وقواعد المبادرة بعمل عسكري أو الرد بآخر، وشروط ذلك، وتوزيع الأدوار بين المقاومة والدولة في إطار هذه الاستراتيجية وتحديد العمل الديبلوماسي الذي تشمله هذه الاستراتيجية، في سياق السياسة الخارجية وتثبيت هذه الثوابت ضمن المفهوم السياسي الرسمي، وكل ذلك يحدد هوية لبنان وواجهته.
وتشير الأوساط، الى أن هذه المحاولة من جانب نصرالله تهدف أيضاً الى استعادة المكانة على مستوى الشارع العربي والسني تحديداً، في ما خص القضايا المصيرية.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00