تنعقد "الرباعية الدولية" للشرق الأوسط اجتماعاً الثلاثاء المقبل على مستوى وزراء الخارجية في برلين، وهو يأتي في اليوم التالي الذي يلتئم فيه المؤتمر الدولي في العاصمة الألمانية لدعم الشرطة الفلسطينية وسيادة القانون في حضور 40 وزير للخارجية.
وأفادت مصادر ديبلوماسية غربية واسعة الاطلاع، ان "الرباعية" لن تناقش بشكل رسمي الدعوات أو الضغوط التي توجه للبنان للتفاوض مع إسرائيل، وكذلك ما يحصل على خط التفاوض غير المباشر السوري ـ الإسرائيلي، وان كان الموضوعان سيحظيان باهتمام اللجنة ومتابعتها بصورة ضمنية في الإطار العام لمواصلة اهتمامها بالسلام في الشرق الأوسط، انطلاقاً من "خارطة الطريق" التي تعنى بالمسار الفلسطيني ـ الإسرائيلي، وكذلك انطلاقاً من المتابعة الديبلوماسية الخاصة التي يقوم بها الفرقاء في اللجنة لما يحصل على المسار السوري الإسرائيلي، وإنعكاسات ذلك المحتملة على شمولية الحل.
إلا ان مصادر وزارية تعزو عدم قدرة لبنان على التجاوب مع الدعوات هذه، إلى أسباب ثلاثة: الأول: ان لبنان لا يريد فسح المجال أمام إسرائيل للقيام بضغوط سياسية أو اقتصادية في وجهه أو اللجوء إلى وضع شروط من خلال التفاوض، لا سيما هناك نقاطاً للتفاوض أصلاً.
والثاني، هو ان القرارات الدولية تحوي كافة الحلول للمواضيع العالقة بين لبنان وإسرائيل، وهي مسائل واضحة وغير خاضعة للتفاوض مثل الأسرى وشبعا والحدود، بل يلزمها نية إسرائيلية لتنفيذها. أما الثالث، فهو ان لبنان، وفي ظل وجود حجم كبير للفلسطينيين على أراضيه، لا يستطيع ان يبدأ مفاوضات مع إسرائيل، خصوصاً قبل اتضاح صورة نواة الدولة الفلسطينية، عبر التقدم الجوهري على المسار الفلسطيني ـ الإسرائيلي. وهو الأمر الذي يحدّد فعلاً كيف سيتعامل لبنان مع هذه الدولة ومع قضية اللاجئين.
ويمكن اضافة مسألة اخرى، هي تبيان مدى الجدية في التفاوض السوري ـ الإسرائيلي، وما إذا كان ذلك سيوصل فعلاً إلى تقدم حقيقي أم ان الأمر يقتصر على مناورات سياسية، تحوي رسائل على أكثر من مستوى.
وفي ضوء هذه المعطيات، والوضع اللبناني الداخلي واستكمال تنفيذ اتفاق الدوحة، ليس لدى لبنان أي مجال للسماح لتعريض أوضاعه لمزايدات، وخلافات تكون نتيجة مواقف إسرائيلية ما، في إطار مرحلة تفاوض مع إسرائيل، ليس هناك من شيء يستلزم التفاوض عليه.
وتؤكد المصادر الغربية، ان استكمال الرباعية في متابعتها لتطورات الموقف على مستوى المسار الفلسطيني ـ الإسرائيلي، يساهم في حيز كبير في الأجواء الإقليمية والدولية الملائمة للتهدئة في لبنان وللتوافق في شأن تنفيذ اتفاق الدوحة، ومجالات التهدئة الدولية ـ الإقليمية تصب في مسارات بعضها البعض، وعلى اللبنانيين عدم اضاعة الفرصة والعمل للاستفادة من هذه الأجواء عبر استكمال تطبيق اتفاق الدوحة، الذي لا مفر من تطبيقه. وبالتالي على اللبنانيين استكمال تكوين السلطة وعدم ربط الأمر بما سيكون عليه مصير التفاوض السوري ـ الإسرائيلي أو هدنة غزة من أجل تطبيق اتفاق الدوحة بالكامل، على الرغم من الاسترخاء الدولي ـ الإقليمي الذي تم ايجاده اخيراً نتيجة مثل هذه العناصر.
ولاحظت المصادر، تراجع الايجابيات في الاتصالات أمام تشكيل الحكومة، لكن احتمالات قرب تشكيلها ليست معدومة، والعالم كله ينتظر هذا الموعد، وهو يعتبر ان المسألة داخلية وليست ناتجة عن أسباب خارجية. وتشير إلى ان أي اطالة في هذا الموعد الذي لم يتخط بعد المدى الزمني الاعتيادي، سيحتم على الجميع مرحلة جديدة قد تصل إلى التفاهم حول توسيع تصريف الأعمال، عبر التوسع في التفسيرات القانونية ـ الدستورية، في حال حصول ظروف استثنائية، إلا ان الفرقاء اللبنانيون يتهمون معطيات دولية، وإقليمية بالمساهمة في العرقلة، وإخضاع الحل بتنفيذ "الدوحة" لسلة متكاملة من العناصر الإقليمية المستجدة. إلا ان التفاهم على التهدئة قائم، وستبقى المزايدات السياسية "مضبوطة"، خصوصاً وان الخلاف ليس على الاتفاق بل على الحصص في إطار هذا الاتفاق.
وسيتوازى مستوى الارتياح السوري الراهن، مع آفاق التفاوض الذي ادخل دمشق فعلاً في مرحلة جديدة، نتيجة التفاوض السوري ـ الإسرائيلي. وطريقة تعاملها مع اتفاق الدوحة سيتأثر حتماً بهذا التوازي المربوط بالعناصر الإقليمية الاخرى المعروفة والأجواء الدولية المواكبة.
وعلى جدول أعمال "الرباعية" بحث "خارطة الطريق"، والسلام الشامل، ومؤتمر موسكو الذي تقرر انعقاده كتكملة لمؤتمر أنابوليس، وأسباب تعثّر ذلك، والتهدئة على المستوى الفلسطيني ـ الإسرائيلي، وتطبيع الوضع الداخلي الفلسطيني، فضلاً عن موقع المبادرة العربية للسلام من كل ما هو مطروح في الاجتماع.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.