هناك ما يكفي من مؤشرات تجعل مراجع ديبلوماسية بارزة، تؤكد ان الوضع اللبناني يعيش في بيئة دولية ـ اقليمية، يمكن وصفها بأنها "حفلة مناورات" ستمدد حتى موعد بلورة السياسة الأميركية في الحكم المقبل اثر انتهاء ولاية الرئيس الحالي جورج بوش، حيث سيتموضع الجميع على أساسها.
وتحضيراً لهذا التموضع، الذي سيتزامن مع الانتخابات النيابية اللبنانية التي يراهن عليها الأفرقاء اللبنانيون، يجري تسليط الضوء من جانب الدول الفاعلة في العالم على سلسلة مواضيع بدءاً من المفاوضات السورية ـ الاسرائيلية، الى الدراسة الجدية لاعادة مزارع شبعا الى سيادة لبنان، الى السعي لبت مصير سلاح "حزب الله"، الى ما يمكن تحقيقه من تقدم جوهري على المسار الفلسطيني ـ الاسرائيلي.
وتبعاً لذلك، تشمل مؤشرات المناورات ما يلي:
ـ ان طرح تحرير المزارع يتزامن مع شكوك في الموقف الحقيقي لاسرائيل من الانسحاب منها. بحيث ان لا شيء مضمون، على الرغم من الضغوط الأميركية والدولية. وما يزيد في هذا التوجه، هو علامات الاستفهام الكبيرة حول ما اذا كانت اسرائيل ستتخلى عن مزارع شبعا واحراج سوريا وازعاجها في مرحلة تفاوضها الحالي معها. والادارة الأميركية تسعى لتأدية خدمة للبنان قبل انتهاء ولاية بوش، انطلاقاً من التعويض عن الانزعاج في لبنان من ترجمة دعمها، خصوصاً خلال احداث أيار الماضي، حيث فهم المعنيون ان تحركها العسكري يكون وفقاً لبرنامجها وليس وفقاً لأي مقتضى آخر. وأجرت الادارة تقييماً لهذا الانزعاج، وللدور الذي اضطلع به الجيش اللبناني آنذاك، التي عادت لتتفهمه، ولتعد مجدداً لدعمه وتقويته، ولتعزز وضع السلطة الشرعية في الداخل عبر السعي لحل مسألة احتلال مزارع شبعا. ووعدت بايجاد الحل قبل نحو شهر.
ـ ان المفاوضات السورية ـ الاسرائيلية غير المباشرة، بدت حاجة لكل من دمشق وتل أبيب، وتركيا في آن، لتمرير رسائل داخلية واقليمية ودولية. الا ان الغموض يلف أفق هذه المفاوضات والنتائج التي ستصل اليها. والبلدان المعنيان بها يدركان جيداً هذا الواقع، وهما يتفاوضان بغض النظر عن النتائج الفعلية. كما ان الدول الأوروبية دعمت بشدة هذه المفاوضات، خصوصاً فرنسا، الى الحد الذي صورت به دمشق وكأنها المسؤولة عن انجاح اتفاق الدوحة. وحمّلتها بحسب المصادر، أكثر مما يحتمل دورها فيه، سعياً لمكاسب أبرزها انجاح القمة المتوسطية التي دعت اليها، والتي تشكل أولوية بالنسبة الى الرئيس نيكولا ساركوزي. والدليل على ذلك. التعقيدات التي تواجه تأليف الحكومة، وموقف وزير الخارجية وليد المعلم من عدم التدخل في هذا الأمر. مع الاشارة الى ان دولا في المغرب العربي قد لا تشارك في القمة، ومشاركة سوريا فيها تعد مكسباً لفرنسا.
ـ ان لبنان، ما بعد اتفاق الدوحة يعاني خطورة العقبات التي تواجه تنفيذ الاتفاق، على الرغم من أن المصادر تعتبر، ان التعقيدات أمام تشكيل الحكومة ليست بالحجم الكبير الذي يتطلب التدخل القطري. ويجري على الساحة اللبنانية تمرير رسائل ايرانية ـ سورية، وليس فقط اقليمية ـ دولية، وذلك بدءاً من توجيه سلاح "حزب الله" الى بيروت وضربها، في رسالة ايرانية الى سوريا بأن النفوذ الايراني قوي ولا يمكن توقيع الاتفاقات مع اسرائيل على حسابه.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.