8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

فرنسا تتبع الخطوة بخطوة مقابلة مع سوريا

تعمل الإدارة الأميركية على تحويل ما كانت تعتبره سلبيات في اتفاق الدوحة إلى إيجابيات، بعد اجرائها التقييم اللازم لكافة عناصره وربط الأمر بالاستعدادات اللبنانية والظروف الإقليمية والدولية التي تحيط بالوضع اللبناني.
ولدى انتهاء الإدارة من مرحلة تقييمها هذه، اختارت الفرصة المناسبة لإيفاد وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس إلى لبنان أثناء وجودها في المنطقة، في جولة على بعض دولها. وفي خلفيات الزيارة، استناداً إلى مصادر ديبلوماسية غربية بارزة، البناء الأميركي على إتفاق الدوحة، نتائج تقييم الإدارة للخسائر والمكتسبات، ثم الخروج بأداء سيظهر خلال المرحلة القريبة المقبلة مزيداً من الدعم، تحت عنوان "مواكبة لبنان"، إنطلاقاً من إيجابيات إتفاق الدوحة، وما نتج عنه من استعادة لموقع رئاسة الجمهورية وسلطته، والمظاهر التي تمثلها في العمل الدستوري والسياسي، والأهمية التي يعكسها ذلك على مكانة لبنان في الخارطة الدولية.
فكل تعزيز للسلطات الرسمية، وللاستقرار، هو منع لمشروع الفوضى والعنف والإرهاب وتفكك الدولة وتعطيل المؤسسات. وهو نصر ومكسب للفريق الذي يؤمن بمفهوم الدولة، وما حققه إتفاق الدوحة، ويتم استكمال تحققه، يصب في خانة العمل الدستوري والشرعي والاستقرار وهذا ما يهم واشنطن، للبناء عليه، بغض النظر عن تقييمها الأولي لنقاط معينة في لتفاق الدوحة، وبالتالي، ان انتخاب رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان هو مدار ارتياح أميركي، سيمضي في ظل العهد الجديد مسار تطوير العلاقات والتشاور السياسي قدماً.
وبالنظر إلى مصالح الحلفاء، وضرورة التعامل مع الوضع اللبناني بصورة تولي أولوية لذلك، فمن المهم لدى الإدارة الاميركية موقع الرئاسة والعامل الحاسم الذي يمثله في الصراع الداخلي بين أكثرية لا تمتلك سلاحاً، وأقلية معارضة تمتلك السلاح والقدرة على استعماله من دون ضوابط إن هي أرادت. وما يحسم هو الرئاسة وقيادة الجيش، مع عدم الإسقاط من الحساب الآفاق السياسية التي تمثلها الرئاسة كقوة وطنية قابلة لان تكبر وتتوسع والجميع يدرك ذلك.
ومع اعتراف الإدارة الضمني بوضع أمني معين في لبنان، فإن تعاملها يتم بصورة تؤدي إلى تحسين وضع الحلفاء، وعبر احاطة الرئيس بكل دعم مروراً بالتشاور والتنسيق، وانطلاقاً من ان الولايات المتحدة لن تترك لبنان وشأنه مهما تعقدت الظروف.
وشكل دور الجيش في معركة أيار الماضي حافزاً أمام الادارة الأميركية للتشديد على تعزيز قدراته الأمنية والعسكرية والردعية بمختلف مستويات التجهيز، وهو ما سيزداد للمرحلة المقبلة. وتتوقع المصادر، ان يتم تخصيص مساهمات اضافية أميركية للجيش اللبناني في الفترة القريبة، وأن يتأكد الايعاز الأميركي إلى الدول العربية والخليجية خصوصاً، بدعم لبنان بمزيد من المخصصات المالية.
وتشير المصادر إلى أن هناك تفاهما أميركيا ـ فرنسيا كاملا، إنما التحفظ الأميركي هو على سرعة انفتاح فرنسا على دمشق اثر اتفاق الدوحة. وحاول الرئيس الأميركي جورج بوش أثناء القمة الأميركية ـ الفرنسية نهاية الأسبوع الماضي التعرف إلى ما في بال الفرنسيين في هذا الموضوع، والخطة الفرنسية، وابلاغ موقفه إلى الرئيس ساركوزي، ولاحظت المصادر انه بعد هذه القمة تعدّلت بعض العناصر في اللهجة الفرنسية، ليس في ما يتصل بشكل الانفتاح على دمشق، إنما في المضمون.
إلا ان الموقف الفرنسي حيال سوريا يقوم، بحسب المصادر، على سياسة الخطوة والخطوة المقابلة، أي ان لا خطوة من باريس إلا بعد خطوة من دمشق، ولا تسليف فرنسي أو خطوة مجانية أو استباقية قبل أن تقدّم دمشق ما يجب تقديمه في اطار ثوابت السيادة والاستقلال اللبناني والقرارات الدولية ذات الصلة بلبنان، وهذا مبدأ فرنسي ظهر منذ عهد الرئيس جاك شيراك، ويتبلور في عهد ساركوزي، مخافة ان تقوم دمشق بالاستفادة من أي مكاسب من دون تقديم خطوات مطلوبة منها، فإذا سهّلت سوريا أكثر، قابلتها فرنسا بخطوات موازية، وإذا ساهمت في العودة إلى تعثر الوضع اللبناني، ستتراجع فرنسا عن أي خطوات انفتاحية عليها. وينسحب هذا المبدأ على قضية تشكيل الحكومة اللبنانية، بحيث انه إذا ما طال أمد العراقيل أمام تشكيلها لفترة جديدة، وثبت ان دمشق وراء العرقلة مثلاً، فإن تراجعاً فرنسياً أكيداً سيحصل في موضوع الانفتاح عليها، وهو على كل حال لا يزال انفتاحاً بالشكل، مرشحا لكل الاحتمالات.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00