8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

تحريك ملف مزارع شبعا يعتريه الغموض لكن التقدم يعدّ لمرحلة لاحقة

تضع أوساط ديبلوماسية واسعة الاطلاع على الأداء الأميركي في المنطقة، دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت لبنان إلى التفاوض من أجل التوصل إلى حل من خلال السلام، في خانة التبرع بعروض السلام وعلى كل المسارات، في ظل وضع داخلي له يعتريه تراجع مستمر ويحتاج إلى مجالات يستثمرها سياسياً لإعادة تعويم نفسه.
وبالتالي تؤكد المعطيات لدى هذه الأوساط ان لبنان ليس معنياً بهذا السلام الذي يتحدث عنه أولمرت، وان موقف الحكومة اللبنانية منه يستبعد جداً الخوض في عملية سلام مع إسرائيل في هذه المرحلة، على غرار ما أقدمت عليه سوريا، وان أوان المسار اللبناني لم يحن بعد، وليس للبنان أي علاقة بما يحصل على مستوى السلام الذي يتخذ أشكالاً أو منطلقات متجددة في المنطقة، ربما بعضها حال دون انعقاد مؤتمر موسكو للسلام الشامل والذي انبثق في مبدئه عن مؤتمر أنابوليس.
وتعتبر هذه الأوساط، ان كلام أولمرت حيال السلام مع لبنان ليس جديداً، وهو يتكرر باستمرار، لكن العنصر اللافت فيه انه جاء بعيد إعلان استئناف المفاوضات السرية غير المباشرة بين دمشق وتل أبيب حول المسار السوري ـ الإسرائيلي.
وقد يكون أولمرت أراد دعوة لبنان على وجه التحديد إلى السلام، وليس عبر سوريا، وان كان تفاوضه السري معها عبّد الطريق لمثل هذه الدعوة التي لن تنتج عنها أي نتائج، مثلما ان مفاوضاته مع دمشق لن ينتج عنها أي تقدم جوهري على الأرض. ولكنِ الطرفان السوري والإسرائيلي لديهما مصلحة في هذا النوع من التفاوض بغض النظر عن النتائج التي سيفضي اليها. فتحريك مسألة الجولان بالنسبة إلى دمشق أمر مرتبط بالسيادة الوطنية على كامل الأرض، في حين عنى الرئيس السوري بشار الأسد بكلامه على ان المفاوضات السورية مع إسرائيل تشجع لبنان على استئناف تفاوضه، ان لبنان لا يمكنه بدء مفاوضات مع إسرائيل إلا بعد انطلاقة المسار السوري ـ الإسرائيلي أو انتهائه إلى نتائج، في إشارة منه إلى توالي المسارين أو تلازمهما كما هو المفهوم الذي ساد سابقاً.
ولبنان في الأساس لن يذهب إلى التفاوض، قبل ان يوقّع العرب جميعاً على السلام مع إسرائيل، وقبل ان تطبق المبادرة العربية للسلام. وفضلاً عن هذا العنصر، فان مؤتمر أنابوليس الذي عقد في تشرين الثاني الماضي كرّس فصل المسارين اللبناني والسوري مع إسرائيل وكسر تلازمهما، وسبقته إلى هذه المهمة، القرارات الدولية التي صدرت حول الوضع اللبناني بدءاً بالقرار 1559 وصولاً إلى القرار 1701 وما بينهما، وما تلاهما من بيانات رئاسية لمجلس الأمن. فالقرار 1559 فك الارتباط اللبناني ـ السوري السياسي، وبلور آفاقاً جديدة في استقلال لبنان وسيادته وحريته السياسية، وطالب ببسط سلطة الدولة وسيادتها على كامل أراضيها، وزاد في تفاصيل ذلك القرار 1701، خصوصاً في مسألة السلاح الذي يجب ان يكون ملك السلطة الشرعية فقط.
خطوة المزارع والسلاح
إلا ان تنفيذ هذا القرار لا يزال يلزمه عمل دؤوب في الداخل وعلى مستوى التعاون الإقليمي والجهد الدولي. وتنظر الأوساط، بأمل إلى ان تحريك قضية مزارع شبعا واستعادة سلطة الدولة عليها، سوف يشكل خطوة كبيرة إلى الأمام، لا سيما ان عقدة السلاح وطريقة حل هذه المعضلة هي من بين أبرز أسباب تحريك هذا الملف على المستوى الدولي في المرحلة الراهنة.
وأوضحت الأوساط، ان الإدارة الأميركية مهتمة جداً بموضوع مزارع شبعا وسبل استعادة السيادة اللبنانية عليها. وهذا يعد تطوراً، لان الفترة السابقة التي أعقبت صدور القرار 1701، لم تسمح للإدارة بطرح هذه المسألة، لان إسرائيل لم تظهر تجاوباً في ذلك. إلا انها طرحتها الآن مع تل أبيب انطلاقاً من أهمية تنفيذ القرار 1701 وما خص السلاح، كما تطرحها مع الدول الفاعلة في مجلس الأمن، في مقاربة جديدة مبنية على تقارير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حول مجريات تنفيذ القرار 1701، وعلى موقف مجلس الأمن حيالها.
وعلى الرغم من ذلك، يشوب الغموض مستقبل تحريك قضية مزارع شبعا على المستوى الدولي نتيجة أسباب ثلاثة:
الأول: التثبت من حقيقة الموقف الإسرائيلي من تحرير المزارع، وما إذا كان فعلاً سيتجاوب مع الطلب الأميركي والدولي لتسليمها إلى الأمم المتحدة.
الثاني: حقيقة الموقف السوري من ترسيم الحدود وتسليم الوثائق المطلوبة إلى الأمم المتحدة، وما يثير التساؤل، بحسب الأوساط، هو موقف "حزب الله" من القضية، حيث عبّر تصريح للنائب محمد رعد في هذا الشأن عن تطور ما حول المسألة قد يكون بمثابة تراجع.
والثالث: مستوى الموقف الدولي الضاغط والمدى الذي سيصل إليه في تحرير المزارع، عبر الوسائل الديبلوماسية والتفاهم بين الأطراف المعنية. إلا ان حصول أي تقدم جوهري في ملف المزارع يسهم في تحقيق خطوة كبيرة، وقد يبلور مرحلة إعدادية للمسار اللبناني ـ الإسرائيلي عندما يحين أوان التفاوض حول السلام، وبعد تطبيق كافة القرارات الدولية حول لبنان.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00