8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

التفويض العربي لقطر مستمر وتحرك الجامعة إذا استعصى تأليف الحكومة

يأخذ الموضوع اللبناني حيزاً مهاً على جدول أعمال القمة الأميركية ـ الفرنسية التي ستنعقد في باريس الجمعة المقبل، وستجري خلالها مناقشة العلاقات الدولية ـ الإقليمية، والملفات المطروحة، فضلاً عن العلاقات الثنائية، كذلك، التنسيق بين الجانبين في طريقة التعامل معها، وسبل التعامل أيضاً مع الملف النووي الإيراني، والسلام في الشرق الأوسط، وتطور الموقف على الخط الفلسطيني ـ الإسرائيلي.
وتُجمع المعطيات لدى مصادر وزارية، وأخرى ديبلوماسية بارزة، على ان نتائج القمة لن تُحدث خرقاً على مستوى الملف اللبناني، الذي سيبقى خاضعاً للتقلبات في العلاقات الدولية ـ الإقليمية، ولتقلبات الوقت الضائع الذي تشهده، على أبواب إدارة أميركية جديدة.
وبالتالي، سيسود منطق الترقب والانتظار بالنسبة إلى لبنان، في إطار إعطاء الفرصة الكاملة أمام تنفيذ اتفاق الدوحة، على تفاوت النوايا من تنفيذه والتفسيرات لبنوده في الداخل وعلى المستوى الإقليمي.
وستناقش القمة القراءتين الأميركية والفرنسية للموقف في لبنان. والقراءتان متباعدتان، لكن واشنطن وباريس تحرصان دائماً على إيجاد نقاط مشتركة، وتبعاً لذلك ستعطي القمة صورة واضحة عن الآفاق السياسية التي تحكم الفترة الحالية وابعادها، إلا انها ستدعم اتفاق الدوحة، وستؤكد على المجال الممنوح لقطر للعب دور أيضاً في استكمال تنفيذ الاتفاق، وللمواكبة الفرنسية عن كثب للدور القطري، حيث التنسيق قائم بصورة وثيقة بين ديبلوماسيتي البلدين. وبحيث تكون واشنطن على علاقة استطلاعية بهذا التنسيق، من دون ان تكون لديها في هذه المرحلة خيارات اخرى غير خيار اتفاق الدوحة.
وبناء على الجو الدولي يجري تنسيق الموقف العربي الموحد. وهذا الدور لن يطرأ عليه أي أمر جديد، خصوصاً لهذا الأسبوع، ولن تتدخل الجامعة العربية مجدداً ومباشرة في حل الأزمة الحكومية، إلا بعد التثبت فعلاً من تعثّر تأليف الحكومة بعد مرور هذا الأسبوع. والتفويض العربي المعطى لقطر يبقى سارياً ويشدّد العرب عليه لاستكمال السعي والتحرك لتطبيق اتفاق الدوحة، ودعم لبنان في شتّى المجالات.
وإذا ما مضى هذا الأسبوع من دون تشكيل الحكومة، فإن تحركاً عربياً تقوم به الجامعة يبدو مرجحاً الأسبوع المقبل، وبناء على طلب عربي أو لبناني رسمي، بسبب استعصاء الموضوع وتعثره. وتظهر التطوّرات الأمنية الخطرة والمتنقلة في المناطق اللبنانية، والتحذيرات التي يتلقاها المسؤولون السياسيون، والتنبيهات المتجددة لأخذ الحيطة من دقة مرحلة الوقت الضائع، أبلغ دليل على ان العمل بالنيات هو الأهم وعلى ان تعثر التأليف يحمل مخاطر كبيرة على المستويين السياسي والأمني، يجعل أكثر من مسؤول يعتبر ان الشكر الفرنسي والأوروبي على التعاون السوري والإقليمي يبدو انه يشمل فقط بند انتخاب الرئيس، وان الجهات التي تلقت الشكر ربما تريد ثمناً لكي تكون وجهة نظرها قريبة من وجهة نظر الآخرين من أجل تسهيل التأليف.
بروز أولويات جديدة
ولا ترى المصادر أن هناك تراجعاً دولياً في الاهتمام بالملف اللبناني كأولوية، انما بروز أولويات جديدة ساهم في عدم وجود ترجمة عملية على الأرض لما يمكن أن يسهّل تغيير الواقع في لبنان أو في المنطقة. ويتم الآن استعمال طرق بديلة قليلة الفاعلية تضرّ بالتوجّه الدولي وتضرّ بالدول صاحبة القضية، ولا تؤدي إلي نتيجة حاسمة على الساحة اللبنانية.
ومَن يراقب تطورات الاتجاهات في مجلس الأمن الدولي يفهم المستجدات. فالدرع الصاروخي الأميركي الذي يجري نشره في دول العالم، لاسيما في الدول التي كانت محسوبة سابقاً على الاتحاد السوفياتي، يزعج موسكو، وكذلك استقلال كوسوفو. ومن أجل تخفيف الانزعاج الروسي لتمرير نشر الدرع واستقلال كوسوفو اللذان يشكلان أولوية أميركية، جرى التغاضي عن العديد من المواقف الروسية في مجلس الأمن كثمن للدرع، خصوصاً في ما يتصل ببعض الملفات المتعلقة بلبنان أو متابعة قرارات دولية أو تنفيذها. فتمكن الدور الروسي في محطات محددة، من حماية مصالح سوريا انطلاقاً من مجلس الأمن. ولكي يكتمل التفاهم في الدوحة على الاتفاق الذي نتج، شكل التسليف الروسي لدمشق في المجلس، عنصراً ضاغطاً بقوة عليها لتوفير تسهيلها للخروج بهذا الاتفاق. لكن الدور الروسي يبقى مطلوباً ما دام التسليف قد جرى سابقاً، مع دمشق لاستمكال تنفيذ بنوده. والجديرة ذكره ان دمشق رفضت بشدة في الاجتماع الاستثنائي للجامعة اثر أحداث أيار الماضي، والذي انبثق عنه تشكيل اللجنة الوزارية العربية، مبدأ إرسال قوة عربية مشتركة إلى بيروت لفض الاشتباكات وتوفير الاستقرار. ويعود موقفها هذا إلى انها لا ترغب، أو ترفض أدواراً عربية على الساحة اللبنانية أكثر وضوحاً و"فرملة"، ولأنها تدرك ان القوة العربية لن تشمل في عدادها قوة سورية لتوافق على مبدأ إرسالها إلى لبنان.
كذلك ان الخلاف بين روسيا وحلف الأطلسي يجعل من أزمة لبنان أزمة مرشحة لأن تطول، وبالتالي يجعل من روسيا تنحو لاتخاذ مواقف معرقلة للخط الأميركي، لاسيما في الشرق الأوسط وفي أنحاء عدة من العالم.
وان ما أدخل الولايات المتحدة إلى العراق، هو المصالح المشتركة بينها وبين ايران. والحصار الاقتصادي على سوريا، وهو ضايقها لكنه لم يؤد إلى نتيجة، لا بل أضرّ بمصالح أميركية مثلما يضرّ بالدول التي خضعت لحصار دولي. ولو كان هناك حصار فعلي، لا تحل دول محل دول أخرى في التعامل الاقتصادي مع سوريا، وروسيا تقوم بتسليح سوريا بأنظمة صاروخية قادرة علي أن توقع الطائرات، وهناك حجج خلفها الدرع الصاروخي أثارت حساسية روسيا لتقوم بخطوات تضايق الولايات المتحدة في المنطقة خصوصاً، لذلك افتقر الموقف الأميركي إلى الحسم، وهو لا يملك جديداً في الوقت الحاضر حول الملف اللبناني. وعدم رضاه عن اتفاق الدوحة، وعن فتح علاقات طبيعية فرنسية مع سوريا لا تتوازى مع بديل عملي، بل مع رفض للحوار الاقليمي وإبقاء هذا الرفض قائماً وعدم الاستعداد لتغييره في المدى المنظور. وشكل اتفاق الدوحة بالنسبة إلى واشنطن حداً للتخفيف من الخسائر في لبنان مع اعتباره يسهم في تهدئة محددة.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00