تكتسب الزيارة التي يقوم بها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الى لبنان خصيصاً لتهنئة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان على انتخابه، معاني كبيرة ودلالات، تصل في عمقها الى أهمية لبنان واستقراره السياسي والأمني بالنسبة الى فرنسا، من خلال إقفال الثغرات السلبية، والدخول في آفاق ايجابية تكرسها مؤسساته الدستورية على مستوى الرئاسة وكافة المستويات من الحكومة والمجلس النيابي وبقية الإدارات، وتكرسها الدينامية السياسية الطبيعية.
ويحمل الرئيس ساركوزي الى الرئيس سليمان أفكاراً عديدة، من شأنها أن ترسم من جديد تكوين الخطوط العامة للعلاقة التقليدية والتاريخية بين البلدين، وبين الرئاستين خصوصاً، وهي مسألة أساسية في الاهتمام بمواضيع البحث أثناء الزيارة، ذلك أن العلاقة بين الرئاستين ستستأنف انطلاقاً من هذه الزيارة، التي ستكون بمثابة البداية على طريق إعادة العلاقة الى ما كانت عليه خلال العقود الماضية. وسيطبع تطور الأوضاع اللبنانية هدف العودة الى التقليد والتاريخ، بطابع خاص، إلا أن الأكيد، بحسب مصادر ديبلوماسية في باريس، أن فرنسا ستبقى دائماً الى جانب لبنان وقضاياه وحقوقه، ولن تتخلى عن هذا الدور، على الرغم من كثرة المهتمين بالشأن اللبناني من خارج لبنان وكثرة الأدوار.
وما يؤكد ذلك، هو أن ساركوزي حرص على أن يكون أول رئيس جمهورية في العالم يزور لبنان لتهنئة الرئيس سليمان وللتشديد أمامه على دعم فرنسا المستمر للبنان. وسيبحث الرئيسان في الأفكار التي تتصل في غالبيتها بنقاط أساسية في العلاقات بين البلدين أبرزها:
ـ التشاور السياسي بين الرئاستين، وتطوير آفاقه، لما فيه مصلحة العلاقات الثنائية في شتى الميادين، وبالنسبة الى التحديات التي تواجه لبنان، وتطورات الوضعين الاقليمي والدولي، حيث يقتضي تبادل وجهات النظر والتفاهم حول الطروحات.
دعم فرنسا للحلول الحوارية
ـ بلورة التوجهات الفرنسية بالنسبة الى دعم الحلول في لبنان. وكان لباريس طوال الفترة الماضية، والسنوات الأخيرة تحديداً اليد الطولى في مساعدة لبنان لاستعادة استقلاله وسيادته على كامل أراضيه، والعمل لتحقيق العدالة فيه، خصوصاً من خلال مجلس الأمن الدولي والقرارات التي أسست لها بأفكارها، في هذه المجالات. وسيؤكد ساركوزي لسليمان أن الدور الفرنسي سيبقى مسانداً للبنان، وأن تفضيل فرنسا هو دائماً لأولوية التفاهم والتوافق الداخلي والحوار، قبل اللجوء الى أي حلول أخرى تُفرض فرضاً، وهي لذلك تحرص على التشاور مع كل الأطراف على الأرض، وبالتالي إن دعمها الكامل لاتفاق الدوحة هو خير دليل على ذلك، وهي ستستمر في دعمه لاستكمال تنفيذه وفي أسرع وقت. كما أن ساركوزي سيبلغ سليمان، أن بلاده تقوم بكل الاتصالات الدولية والاقليمية لاستكمال تنفيذ كل القرارات الدولية ذات الصلة بلبنان.
ـ إن فرنسا تراقب باهتمام شديد تطور الموقف في لبنان إثر انتخاب الرئيس سليمان، وتتطلع الى تسهيل تشكيل الحكومة الجديدة، وانطلاقة الحوار الوطني حول المسائل العالقة، وفقاً لاتفاق الدوحة. وتكريس التفاهم الفعلي للمرحلة المقبلة، سيكون محور اهتمام فرنسي حقيقي، لأن باريس لن تتوانى عن القيام بأي دور يحقق ذلك. وهي ستنتظر بعد خطوة زيارة ساركوزي للبنان كيف ستتطور الأمور في الداخل، بالتشاور السياسي بين البلدين، وعلى وقع تطورات المواقف الاقليمية ـ الدولية، لا سيما أن فرنسا تتعامل مع الأمور بواقعية وتنتظر النتائج.
إقامة الاتحاد مع المتوسط
ـ سيبلغ ساركوزي الى الرئيس اللبناني اهتمامه الجدي بإقامة الاتحاد الأوروبي ـ المتوسطي وهو لهذه الغاية يدعوه الى المشاركة في القمة الأوروبية ـ المتوسطية التي سترأسها فرنسا في 12 و13 تموز المقبل في باريس. وهذا المشروع سيكون امتداداً للشراكة الأوروبية ـ المتوسطية التي كرّسها مؤتمر برشلونة.
ـ إن لدى فرنسا اهتماماً خاصاً بوضع القوة الدولية العاملة في الجنوب "اليونيفيل" وسلامتها الى أبعد حد. ويأتي ذلك من ضمن اهتمامها بتطبيق القرار 1701 والاستقرار الذي أرساه في الجنوب، والذي يفترض أن تطبق كامل بنوده لبسط سلطة الدولة على أراضيها كافة، وتتمسك فرنسا بوجود قوتها في الجنوب، وهي لن تلجأ الى سحبها تحت أي ظرف كان.
ـ سيبلغ ساركوزي الى سليمان رغبة فرنسا الأكيدة في مساعدة لبنان لتطبيق كل القرارات التي اتخذت في مؤتمر "باريس3" لدعمه اقتصادياً وستفعّل اتصالاتها بهدف تسديد الدول للالتزامات التي تعهدت بتقديمها، وهي تحث لبنان على الاستفادة من مفاعيل هذا المؤتمر.
ـ سيقدم الرئيس الفرنسي لنظيره اللبناني قراءته لتطور الموقف حيال سوريا، وسيتبادلان وجهات النظر في المسائل التي تؤدي الى مزيد من التهدئة في لبنان، وبهدف تحقيق وتطبيق كافة القرارات الدولية، وما تعكسه العلاقات الفرنسية ـ الاقليمية بالنسبة الى الملف اللبناني.
وسيوجه ساركوزي الى سليمان دعوة رسمية للمشاركة في ذكرى الاستقلال الفرنسي في 14 تموز في باريس.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.